ولما كان الجواب قطعا: أنت وحدك، قال دالا على ذلك تنبيها على عظم هذا الخبر:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73نحن أي خاصة
nindex.php?page=treesubj&link=32433_29027nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73جعلناها بما اقتضته عظمتنا، وقدم من منافعها ما هو أولى بسياق البعث الذي هو مقامه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73تذكرة أي شيئا تتذكرونه وتتذكرون به تذكرا عظيما جليلا عن
[ ص: 230 ] كل ما أخبرنا به من البعث وعذاب النار الكبرى وما ينشأ فيها من شجرة الزقوم وغير ذلك مما ننيره لأولي البصائر والفهوم من العلوم، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12982ابن برجان : فوزان قدح الزناد من الشجر، والزناد وزان الصيحة بهم ووزان إنشائه الأجسام وزان إنشائه الشجرة النار، ويتذكر بإنشائها في الشجر إنشاء الحياة في الأجسام وبإنشائها من غيبها أن النار الكبرى في غيب ما نشاهده، وهذا من آثار كونها في الجو - انتهى. وعلق بها سبحانه كثيرا من أسباب المعاش التي لا غنى عنها ليكون مذكرا لهم بما أوقدوا به حاضرا دائما فيكون أجدر باتعاظهم
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73ومتاعا أي إنشاء وبقاء وتعميرا ونفعا وإيصالا إلى غاية المراد من الاستضاءة والاصطلاء والإنضاج والتحليل والإذابة والتعقيد والتكليس، وهروب السباع وغير ذلك، والمراد أنها سبب لجميع ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73للمقوين أي الجياع الذين أقوت بطونهم - أي خلت - من الفقر والإغناء من النازلين بالأرض القواء، والقواء بالكسر والمد أي القفر الخالية المتباعدة الأطراف البعيدة من العمران، وكل آدمي مهيأ للقواء فهو موصوف به وإن لم يكن حال الوصف كذلك، وقال
الرازي : أقوى من الأضداد: اغتنى وافتقر، وقال
أبو حيان : وهذه الأربعة التي ذكرها الله تعالى ووقفهم عليها من أمر خلقهم وما به قوام عيشهم من المطعوم والمشروب، والنار من أعظم الدلائل على البعث إذ فيها انتقال من شيء إلى شيء وإحداث
[ ص: 231 ] شيء من شيء، ولذلك أمر في آخرها بتنزيهه - انتهى.
وَلَمَّا كَانَ الْجَوَابُ قَطْعًا: أَنْتَ وَحْدَكَ، قَالَ دَالًّا عَلَى ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ هَذَا الْخَبَرِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73نَحْنُ أَيْ خَاصَّةً
nindex.php?page=treesubj&link=32433_29027nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73جَعَلْنَاهَا بِمَا اقْتَضَتْهُ عَظَمَتُنَا، وَقَدَّمَ مِنْ مَنَافِعِهَا مَا هُوَ أَوْلَى بِسِيَاقِ الْبَعْثِ الَّذِي هُوَ مَقَامُهُ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73تَذْكِرَةً أَيْ شَيْئًا تَتَذَكَّرُونَهُ وَتَتَذَكَّرُونَ بِهِ تَذَكُّرًا عَظِيمًا جَلِيلًا عَنْ
[ ص: 230 ] كُلِّ مَا أَخْبَرْنَا بِهِ مِنَ الْبَعْثِ وَعَذَابِ النَّارِ الْكُبْرَى وَمَا يَنْشَأُ فِيهَا مِنْ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نُنِيرُهُ لِأُولِي الْبَصَائِرِ وَالْفُهُومِ مِنَ الْعُلُومِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12982ابْنُ بُرْجَانَ : فَوِزَانٌ قَدْحُ الزِّنَادِ مِنَ الشَّجَرِ، وَالزِّنَادُ وِزَانُ الصَّيْحَةِ بِهِمْ وَوِزَانُ إِنْشَائِهِ الْأَجْسَامَ وِزَانُ إِنْشَائِهِ الشَّجَرَةَ النَّارَ، وَيُتَذَكَّرُ بِإِنْشَائِهَا فِي الشَّجَرِ إِنْشَاءُ الْحَيَاةِ فِي الْأَجْسَامِ وَبِإِنْشَائِهَا مِنْ غَيْبِهَا أَنَّ النَّارَ الْكُبْرَى فِي غَيْبِ مَا نُشَاهِدُهُ، وَهَذَا مِنْ آثَارِ كَوْنِهَا فِي الْجَوِّ - انْتَهَى. وَعَلَّقَ بِهَا سُبْحَانَهُ كَثِيرًا مِنْ أَسْبَابِ الْمَعَاشِ الَّتِي لَا غِنَى عَنْهَا لِيَكُونَ مُذَكِّرًا لَهُمْ بِمَا أَوْقَدُوا بِهِ حَاضِرًا دَائِمًا فَيَكُونَ أَجْدَرَ بِاتِّعَاظِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73وَمَتَاعًا أَيْ إِنْشَاءً وَبَقَاءً وَتَعْمِيرًا وَنَفْعًا وَإِيصَالًا إِلَى غَايَةِ الْمُرَادِ مِنَ الِاسْتِضَاءَةِ وَالِاصْطِلَاءِ وَالْإِنْضَاجِ وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِذَابَةِ وَالتَّعْقِيدِ وَالتَّكْلِيسِ، وَهُرُوبِ السِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا سَبَبٌ لِجَمِيعِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=73لِلْمُقْوِينَ أَيِ الْجِيَاعِ الَّذِينَ أَقْوَتْ بُطُونُهُمْ - أَيْ خَلَتْ - مِنَ الْفَقْرِ وَالْإِغْنَاءِ مِنَ النَّازِلِينَ بِالْأَرْضِ الْقَوَاءِ، وَالْقَوَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَيِ الْقَفْرُ الْخَالِيَةُ الْمُتَبَاعِدَةُ الْأَطْرَافِ الْبَعِيدَةُ مِنَ الْعُمْرَانِ، وَكُلُّ آدَمِيٍّ مُهَيَّأٍ لِلْقَوَاءِ فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَالَ الْوَصْفِ كَذَلِكَ، وَقَالَ
الرَّازِيُّ : أَقْوَى مِنَ الْأَضْدَادِ: اغْتَنَى وَافْتَقَرَ، وَقَالَ
أَبُو حَيَّانَ : وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَّفَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ أَمْرِ خَلْقِهِمْ وَمَا بِهِ قِوَامُ عَيْشِهِمْ مِنَ الْمَطْعُومِ وَالْمَشْرُوبِ، وَالنَّارِ مِنْ أَعْظَمِ الدَّلَائِلِ عَلَى الْبَعْثِ إِذْ فِيهَا انْتِقَالٌ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ وَإِحْدَاثُ
[ ص: 231 ] شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ فِي آخِرِهَا بِتَنْزِيهِهِ - انْتَهَى.