وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها ... ويجهد أن يأتي لها بضريب
فأفاد قصر الفعل أن إرادتهم كلها مصروفة لهذا الغرض وأنه لا إرادة [لهم] غير ذلك وأنه لا ينبغي أن يكون لهم إرادة لأنهم عبيد، والإرادة لا ينبغي إلا للسيد ليكون إرادة العبد تابعة لها، فتكون امتثالا لإرادته، فكأنه لا إرادة له، فهو أبلغ مما في براءة لأن هذه نتيجتها.ولما أخبر بعلة إرادتهم وأشار إلى وهي أمرهم بعد أن أخبر بردهم للحق وجرأ عليهم بالإخبار بإضلالهم، زاد ذلك بقوله مظهرا غير مضمر تنبيها على [جميع] صفات الجلال والإكرام: والله أي الذي لا مدافع [له] لتمام عظمته. ولما كانت هذه السورة نتيجة سورة براءة التي أخبر فيها بأنه يأبى إلا إتمام نوره، أخبر في هذه بنتيجة ذلك وهي ثبات تمام النور ودوامه، لأن هذا شأن الملك الذي لا كفوء له إذا أراد شيئا فكيف إذا أرسل رسولا فقال: متم وهذا المعنى يؤيد قول الجمهور [أنها] مدينة بعد التأييد بذكر الجهاد، فإن فرضه كان بعد الهجرة من والظاهر من ترتيبها على الممتحنة التي نزلت في غزوة الفتح أنها بعد براءة في النزول أيضا. [ ص: 31 ] ولما كان النور لإظهار صور الأشياء بعد انطماسها سببا لوضع الأشياء في أتقن مواضعها، وكان ما أتى من عند الله من العلم كذلك، جعل عينه فأطلق عليه اسمه فقال: نوره فلا يضره ستر أحد له بتكذيبه ولا إرادة إطفائه، وزاد ذلك بقوله: ولو كره أي إتمامه [له] الكافرون أي الراسخون في صفة الكفر المجتهدون في المحاماة عنه.