ولما بين (تعالى) ما لفاعل ذلك؛ تحذيرا؛ وكان قد تقدم جملة من الكبائر؛ أتبعه ما للمنتهي؛ تبشيرا؛ جوابا لمن كأنه قال: هذا للفاعل فما للمجتنب؟ فقال - على وجه عام -: إن تجتنبوا ؛ أي: تجهدوا أنفسكم بالقصد الصالح؛ في أن تتركوا تركا عظيما؛ وتباعدوا؛ كبائر ما تنهون عنه ؛ أي: من أكل المال؛ والقتل بالباطل؛ والزنا؛ وغير ذلك مما تقدم؛ روى قال البزار: الهيثمي - ورجاله رجال الصحيح -: عن - أنه سئل عن الكبائر؛ فقال: "ما بين أول سورة "النساء"؛ إلى رأس ثلاثين"؛ قال عبد الله - يعني ابن مسعود الأصبهاني: وكل ذنب عظم الشرع الوعيد عليه بالعذاب؛ وشدده؛ أو عظم ضرره في الخمس الضرورية - حفظ الدين؛ والنفس والنسب؛ والعقل؛ والمال - فهو كبيرة؛ وما عداه صغيرة؛ نكفر عنكم سيئاتكم ؛ أي: التي هي دون الكبائر؛ كلها؛ من الصلوات الخمس؛ والجمعة؛ وصوم رمضان؛ والحج؛ أو فرطتم في شيء منها؛ فمن الله عليكم بأن أتاكم بالمرض; كفر ذلك المأتي به الصغائر؛ ولم يقاوم تلك الكبيرة؛ فلم يكفر جميع السيئات؛ لعدم إتيانه على تلك الكبيرة؛ فإن ارتكبتم [ ص: 262 ] شيئا من الكبائر؛ وأتيتم بالمكفرات وندخلكم مدخلا كريما ؛ أي: يجمع الشرف؛ والعمل؛ والجود؛ وكل معنى حسن؛ ومن فاته جميع ذلك لم يكفر عنه سيئاته؛ ولم يدخله هذا المدخل؛ ويكفي في انتفائه حصول القصاص في وقت ما; وقال الإمام المسلمون كلهم في الجنة - لهذه الآية؛ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحمد: فالله (تعالى) يغفر ما دون الكبائر؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع في الكبائر؛ فأي ذنب على المسلمين؟! ذكره عنه "ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"؛ الأصبهاني؛ وهذا الحديث أخرجه أبو داود؛ وغيرهما؛ عن والترمذي؛ - رضي الله عنه. أنس