ولما أبلغ سبحانه في عتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مع صيانتهن عن التسمية إكراما له صلى الله عليه وسلم وعلم اتصافهن بهذه الصفات العظيمة على سبيل الرسوخ من دوام صحبته صلى الله عليه وسلم لهن ليكن من جملة أزواجه في الجنة وكان اتصافهن بذلك الذي أداهن إلى السعادة العظمى إنما هو بحسن تأديب أوليائهن لهن وإكمال ذلك الأدب بحسن عشرته صلى الله عليه وسلم وتأدبهن بكريم أخلاقه أثمر ذلك أمر الأمة بالتأسي به في هذه الأخلاق الكاملة والتأسي بأوليائهن في ذلك ليعرفن حق الله وحق الأزواج فيحصل بذلك صلاح ذات البين المثمرات للخير كله فقال تعالى متبعا لهذه الموعظة الخاصة بموعظة عامة دالة على
nindex.php?page=treesubj&link=24661وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأقرب فالأقرب nindex.php?page=treesubj&link=17998_29747_30180_30434_30436_29037nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6يا أيها مخاطبة لأدنى الأسنان إشارة إلى أن من فوقهم
[ ص: 197 ] تأسى من حين دخوله في الإسلام فهو غني عن أمر جديد
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6الذين آمنوا أي أقروا بذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6قوا أنفسكم أي اجعلوا لها وقاية بالتأسي به صلى الله عليه وسلم في أدبه مع الخلق والخالق في لينه لمن يستحق اللين من الخلق تعظيما للخالق فعاملوه قبل كل شيء بما يعاملكم به من الأدب، وكذا كونوا مع بقية الخلق.
ولما كان
nindex.php?page=treesubj&link=17940_17943الإنسان راعيا لأهل بيته مسؤولا عن رعيته قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وأهليكم من النساء والأولاد وكل من يدخل في هذا الاسم قوهم
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6نارا بالنصح والتأديب ليكونوا متخلقين بأخلاق أهل النبي صلى الله عليه وسلم كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص رضي الله عنه رفعه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664245 "ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن" ولما كانت الأشياء لا تعظم في نفسها [و -] عند المخبر بها إلا بإخباره بما يشتمل عليه من الأوصاف قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وقودها أي الذي توقد به
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6الناس والحجارة [ أي -] ألين الأشياء وأصلبها، فما بين ذلك هو لها وقود بطريق الأولى.
ولما وصفها بغاية الأدب في الائتمار أتبعه وصف القوام فقال معبرا بأداة الاستعلاء [ دلالة على تمكنهم من التصرف فيها -]:
[ ص: 198 ] nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6عليها ملائكة [ أي يكون أمرها على سبيل الاستعلاء -] فلا تعصيهم شيئا لتأديب الله لها
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6غلاظ أي [ في -] الأبدان والقلوب فظاظة على أهلها لاستحقاقهم لذلك بعصيانهم الملك الأعلى.
ولما كان الغلظ قد يكون مع الرخاوة قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6شداد [ أي -] في كل شيء يحاولونه بالقول والفعل حتى روي أن الواحد منهم يلقي بالدفعة الواحدة في النار من الكفار سبعين ألفا.
ولما كان المعنى أنهم يوقعون غلظتهم وشدتهم بأهل المعاصي على مقادير استحقاقهم. بين ذلك بما يخلع القلوب لكونه بأمر الله تعالى فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6لا يعصون الله أي الملك الأعلى في وقت من الأوقات
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6ما أمرهم أي أوقع الأمر لهم به في زمن ما.
ولما كان المطيع منا قد يخل ببعض المأمور به في ذاته بنقص ركن أو شرط أو وقت لنسيان، أو نوم ونحوه أو بترك مندوب ونحوه أو ما في معناه بوسوسة أو حديث نفس ونحوه يقصر عن إيقاعه على أعلى الدرجات كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
والطيالسي عن
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان رضي الله عنه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676786 "استقيموا ولن تحصوا" قال نافيا لذلك عنهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6ويفعلون أي مجددين مع كل أمر على سبيل الاستمرار
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6ما يؤمرون أي ما يقع
[ ص: 199 ] لهم الأمر به في أي وقت [ كان من غير نقص -] ما، وبني الفعل لما لم يسم فاعله كناية عن سهولة انقيادهم وإشارة إلى أن الذي أمرهم معلوم أنه الله سبحانه وتعالى.
وَلَمَّا أَبْلَغَ سُبْحَانَهُ فِي عِتَابِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صِيَانَتِهِنَّ عَنِ التَّسْمِيَةِ إِكْرَامًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِمَ اتِّصَافَهُنَّ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْعَظِيمَةِ عَلَى سَبِيلِ الرُّسُوخِ مِنْ دَوَامِ صُحْبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ لِيَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ أَزْوَاجِهِ فِي الْجَنَّةِ وَكَانَ اتِّصَافُهُنَّ بِذَلِكَ الَّذِي أَدَّاهُنَّ إِلَى السَّعَادَةِ الْعُظْمَى إِنَّمَا هُوَ بِحُسْنِ تَأْدِيبِ أَوْلِيَائِهِنَّ لَهُنَّ وَإِكْمَالِ ذَلِكَ الْأَدَبِ بِحُسْنِ عِشْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأَدُّبِهِنَّ بِكَرِيمِ أَخْلَاقِهِ أَثْمَرَ ذَلِكَ أَمْرَ الْأُمَّةِ بِالتَّأَسِّي بِهِ فِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْكَامِلَةِ وَالتَّأَسِّي بِأَوْلِيَائِهِنَّ فِي ذَلِكَ لِيَعْرِفْنَ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ الْأَزْوَاجِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْمُثْمِرَاتِ لِلْخَيْرِ كُلِّهِ فَقَالَ تَعَالَى مُتَّبِعًا لِهَذِهِ الْمَوْعِظَةِ الْخَاصَّةِ بِمَوْعِظَةٍ عَامَّةٍ دَالَّةٍ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=24661وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ nindex.php?page=treesubj&link=17998_29747_30180_30434_30436_29037nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6يَا أَيُّهَا مُخَاطَبَةً لِأَدْنَى الْأَسْنَانِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مِنْ فَوْقِهِمْ
[ ص: 197 ] تَأَسَّى مِنْ حِينِ دُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ أَمْرٍ جَدِيدٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6قُوا أَنْفُسَكُمْ أَيِ اجْعَلُوا لَهَا وِقَايَةً بِالتَّأَسِّي بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدَبِهِ مَعَ الْخَلْقِ وَالْخَالِقِ فِي لِينِهِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ اللِّينَ مِنَ الْخَلْقِ تَعْظِيمًا لِلْخَالِقِ فَعَامِلُوهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يُعَامِلُكُمْ بِهِ مِنَ الْأَدَبِ، وَكَذَا كُونُوا مَعَ بَقِيَّةِ الْخَلْقِ.
وَلَمَّا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=17940_17943الْإِنْسَانُ رَاعِيًا لِأَهْلِ بَيْتِهِ مَسْؤُولًا عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وَأَهْلِيكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الِاسْمِ قُوهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6نَارًا بِالنُّصْحِ وَالتَّأْدِيبِ لِيَكُونُوا مُتَخَلِّقِينَ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=74سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَفَعَهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664245 "مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ" وَلَمَّا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ لَا تُعَظَّمُ فِي نَفْسِهَا [وَ -] عِنْدَ الْمُخْبِرِ بِهَا إِلَّا بِإِخْبَارِهِ بِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَوْصَافِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وَقُودُهَا أَيِ الَّذِي تُوقَدُ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [ أَيْ -] أَلْيَنُ الْأَشْيَاءِ وَأَصْلَبُهَا، فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ هُوَ لَهَا وَقُودٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَلَمَّا وَصَفَهَا بِغَايَةِ الْأَدَبِ فِي الِائْتِمَارِ أَتْبَعَهُ وَصْفُ الْقُوَامِ فَقَالَ مُعَبِّرًا بِأَدَاةِ الِاسْتِعْلَاءِ [ دَلَالَةً عَلَى تَمَكُّنِهِمْ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا -]:
[ ص: 198 ] nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ [ أَيْ يَكُونُ أَمْرُهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْلَاءِ -] فَلَا تَعْصِيهِمْ شَيْئًا لِتَأْدِيبِ اللَّهِ لَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6غِلاظٌ أَيْ [ فِي -] الْأَبْدَانِ وَالْقُلُوبِ فَظَاظَةٌ عَلَى أَهْلِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لِذَلِكَ بِعِصْيَانِهِمُ الْمَلِكَ الْأَعْلَى.
وَلَمَّا كَانَ الْغِلَظُ قَدْ يَكُونُ مَعَ الرَّخَاوَةِ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6شِدَادٌ [ أَيْ -] فِي كُلِّ شَيْءٍ يُحَاوِلُونَهُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ حَتَّى رُوِيَ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يُلْقِي بِالدُّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي النَّارِ مِنَ الْكُفَّارِ سَبْعِينَ أَلْفًا.
وَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُوقِعُونَ غِلْظَتَهُمْ وَشِدَّتَهُمْ بِأَهْلِ الْمَعَاصِي عَلَى مَقَادِيرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ. بَيْنَ ذَلِكَ بِمَا يَخْلَعُ الْقُلُوبَ لِكَوْنِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6لا يَعْصُونَ اللَّهَ أَيِ الْمَلِكَ الْأَعْلَى فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6مَا أَمَرَهُمْ أَيْ أَوْقَعَ الْأَمْرَ لَهُمْ بِهِ فِي زَمَنٍ مَا.
وَلَمَّا كَانَ الْمُطِيعُ مِنَّا قَدْ يَخِلُّ بِبَعْضِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي ذَاتِهِ بِنَقْصِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وَقْتٍ لِنِسْيَانٍ، أَوْ نَوْمٍ وَنَحْوِهِ أَوْ بِتَرْكٍ مَنْدُوبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ بِوَسْوَسَةٍ أَوْ حَدِيثِ نَفْسٍ وَنَحْوِهِ يُقَصِّرُ عَنْ إِيقَاعِهِ عَلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَالطَّيَالِسِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=99ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676786 "اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا" قَالَ نَافِيًا لِذَلِكَ عَنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وَيَفْعَلُونَ أَيْ مُجَدِّدِينَ مَعَ كُلِّ أَمْرٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِمْرَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6مَا يُؤْمَرُونَ أَيْ مَا يَقَعُ
[ ص: 199 ] لَهُمُ الْأَمْرُ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ [ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ -] مَا، وَبُنِيَ الْفِعْلُ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ كِنَايَةً عَنْ سُهُولَةِ انْقِيَادِهِمْ وَإِشَارَةً إِلَى أَنَّ الَّذِي أَمَرَهُمْ مَعْلُومٌ أَنَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.