ولما كان الاستدراج يكون بأسباب كثيرة من بسط النعم وغيرها، فأبرزه بالنون المشتركة بين الاستتباع والعظمة، وكان تأخير الأجل لا يكون إلا لله وحده بغير واسطة شيء قال سبحانه: وأملي أي أأخر أنا وحدي في آجالهم وأوسع لهم في جميع تمتعهم ليزدادوا إثما لهم لأنه لا يقدر على مد الأجل وترفيه العيش غيري.
ولما سلاه صلى الله عليه وسلم بهذا غاية التسلية، علل أو استأنف في جواب من لعله يقول: لم يكن أحدهم على هذا الوجه؟ مسميا إنعامه كيدا: إن كيدي أي ستري لأسباب الهلاك عمن أريد إهلاكه وإبدائي ذلك له في ملابس الإحسان وخلع البر والامتنان متين أي في غاية القوة حيث كان حاملا للإنسان على إهلاك نفسه باختياره وسيعلم عند الأخذ أني لما أمهلته ما أهملته وأن [ ص: 329 ] إمهالي إنما كان استدراجا.