ولما ذكر المهلكين [ بالصيحة لأجل التكذيب بالقارعة تحذيرا لمن يكذب بها، أتبعه المهلكين -] بما هو سبب لإنفاذ الصيحة وتقويتها دلالة على تمام القدرة على كل نوع من العذاب بالاختيار [ ص: 343 ] فقال تعالى: وأما عاد وهم قوم هود عليه السلام فأهلكوا أي بأشق ما يكون عليهم وأيسر ما يكون في قدرتنا بريح صرصر أي هي في غاية ما يكون من شدة البرد والصوت كأنه كرر فيها البرد حتى صار [ يحرق بشدته والصوت حتى صار -] يصم بقوته، وقال الملوي: أصله صر وهو البرد الشديد أو الحر الشديد عاتية أي مجاوزة للحد من شدة عصفها وعظمة قصفها تفعل [ أفعال -] المستكبر الذي لا يبالي بشيء فلم يستطع خزانها ضبطها، ولم يملك المعذب بها ردها ولا ربطها، بل كانت تنزعهم من مكامنهم التي احتفروها ومصانعهم التي أتقنوها واختاروها فتهلكهم، قال الملوي: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: "لم ينزل قط ماء ولا ريح إلا بمكيال على يد ملك إلا يوم الطوفان فإن الله تعالى أذن للماء فطغى على الخزان ويوم وابن عباس عاد أذن للريح فعتت على خزانها" انتهى.