وقيل: أرجاء الأرض واحدها رجا، مقصور، والاثنان رجوان، فيحيطون بالجن والإنس فيحشرونهم حشر الصيد لإرادة أخذه.
ولما كان الملك يظهر يوم العرض سرير ملكه ومحل عزه قال: ويحمل عرش ولما كان هذا أمرا هائلا مقطعا للقلوب، قال مؤنسا للمنزل عليه هذا الذكر مؤمنا له من كل ما يحذر: ربك أي المحسن إليك بكل ما يريده لا سيما في ذلك اليوم بما يظهر من رفعتك.
ولما كان العرش عاما لجهة الفوق كلها، أسقط الجار فقال: فوقهم أي فوق رؤوسهم يومئذ أي يوم إذ وقعت الواقعة بعدد ما كان تحته من السماوات السبع والكرسي ثمانية أي من الملائكة أشخاص أو صفوف يؤيد حملته الأربعة في الدنيا بأربعة أخرى لشدة ذلك [ اليوم -] وثقله، وهو في حديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأبو يعلى عن والبغوي العباس [ ص: 356 ] ابن عبد المطلب رضي الله عنه، فظاهره أنهم أشخاص ولفظه: وظاهر ذلك أنهم في الدنيا، وكونهم في الدنيا أربعة فقط ذكره المفسرون ورواه "ثمانية أوعال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض" من طريق الطبراني ، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابن إسحاق
"هم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة آخرين" وهو مذكور في حديث الصور الطويل الذي يرويه وغيره من طريق أبو يعلى إسماعيل بن رافع عن يزيد بن زياد عن عن رجل عن القرطبي رضي الله عنه وهذا العدد يحتمل أن يراد به أهل السماوات السبع والكرسي فتلك ثمانية، وهم أبي هريرة وهو أوفق لإظهار العظمة، [ ويمكن أن يراد بهم ثمانية أفراد ويكون حملهم له أظهر في العظمة -] ليعلم كل من يرى ذلك أن مثلهم لا يقدر على حمل مثله في عظمته وإحاطته، وهذا هو أظهر المعاني من الأحاديث الواردة فيه، واختيار هذا العدد أوفق للوجه الذي قبله لأنه يزيد على العدد الموضوع للمبالغة - وهو السبع - [ بواحدة -] إشارة إلى أنه أبلغ من عدة المبالغة لأنه إشارة إلى أنك كلما بالغت زاد الأمر على مبالغتك بما هو أول العدد، وذلك إشارة إلى عدم الانتهاء والوقوف عند حد، وإلى ذلك يشير أيضا [ ص: 357 ] أن للثمانية من الكسور النصف والربع والثمن، وذلك سبعة، والسبعة عدد جامع لجميع أنواع العدد الفرد والزوج وزوج الزوج وزوج الفرد، وكل ذلك إشارة إلى المبالغة في [ إظهار -] العظمة والكبرياء والعزة وتمثيل لنا بما نعرف من أحوال الملوك وإلا: خلق لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى،
فالأمر أعظم من مقالة قائل ...
إن رقق البلغاء أو إن فخموا
إعلاما بعظمة ذلك اليوم ليخشى العباد فيلزموا أسباب الإسعاد، وهذا الذي قلته من سر السبعة قد ذكره الإمام بدر الدين بن الدماميني قرين شيوخنا في الكلام على الواو من حاشيته على مغني عن تفسير ابن هشام العماد الكندي قاضي الإسكندرية المسمى الكفيل بمعاني التنزيل فقال: ونقل الأستاذ عبد الله الكفيف المالقي أنها لغة فصيحة لبعض العرب أن [ يقول-] : واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة ثمانية تسعة عشرة - هكذا لغتهم، ومتى جاء في كلامهم لفظ الثمانية أدخلوا الواو وقد نظم بعض أصحابنا في كون السبعة منتهى العدد أبياتا وهي:
يا سائلي عن سر كون العدد ... غايته في سبعة لم تزد
ما سره إلا انحصار قسيمه ... في واحد فرد وشيء مسند
[ ص: 358 ] وذلك الشيء الذي تسنده ... منحصر في واحد وأزيد
فالفرد والفرد إذا ما اجتمعا ... زوج مع الفرد الذي لم يسند
واثنان واثنان إذا ما اجتمعت ... أربعة تضم مع فيء اليد
فتلك سبعة إذا تكاملت ... أربعة واثنان مع منفرد
وما أتى من بعد هذا فهو تك ... رار له لا زائد في العدد
ثلاثة مع مثلها فرد وفر ... د قد مضى وما مضى لا يعدد
وهكذا أربعة مع مثلها ... زوج وزوج قد مضى لا تزد
وقال الإمام في مقدمة كتابه الملل والنحل: أكثر أصحاب العدد على أن الواحد لا يدخل في العدد، فالعدد مصدره الأول الاثنان، وهو ينقسم إلى زوج وفرد، فالفرد الأول ثلاثة، والزوج الأول أربعة، وما وراء الأربعة مكرر كالخمسة فإنها مركبة من فرد وزوج، ويسمى العدد الدائر، والستة مركبة من فردين، ويسمى العدد التام، والسبعة مركبة من فرد وزوج، وتسمى العدد الكامل، والثمانية مركبة من زوجين وهي بداية الأخرى فصدر الحساب في مقابلة الواحد الذي هو علة العدد وليس يدخل فيه، ولذلك هو فرد لا أخ له. محمد بن عبد الكريم الشهرستاني
ولما كان العدد مصدره من اثنين صار منهما المحقق محصورا في قسمين، [ ص: 359 ] ولما كان العدد منقسما إلى فرد وزوج، صار من ذلك الأصل محصورا في سبعة، فإن الفرد الأول ثلاثة، والزوج الأول أربعة، وهي النهاية، وما عداها مركب منها، وكان البسائط عامة الكلية في العدد واحد واثنان وثلاثة وأربعة وهي الكمال، وما زاد عليها من المركب الكلي فمركبات كلها ولا حصر لها، وقال أبو الحكم ابن برجان في تفسير سورة القدر: انتهاء العدد ستة والسابع وترها.