[ ص: 376 ] ولما أثبت أنه قوله سبحانه وتعالى لأنه قول رسوله صلى الله عليه وسلم لنا وهولا ينطق عن الهوى، نفى عنه ما يتقولونه عليه، فبدأ بالشعر وهو ما يقوله الإنسان من تلقاء نفسه على وزن مقصود صدقا كان أو كذبا، ولا بد فيه للتقيد بالوزن والقافية من التكلف الذي القرآن بعيد عنه، وهو [ مع -] مشاركته للسجع في التكلف الناقص للمعنى أعلى منه بالوزن الذي يكسبه الرونق والحلاوة فقال: وما هو أي [ هذا -] الذكر في باطن أمره ولا ظاهره، وأكد النفي فقال: بقول شاعر أي يأتي بكلام مقفى موزون بقصد الوزن، وإنما قيل أنه ليس بقول من هو كذلك لأنه، لا يوافق الوزن [ فيه -] إلا أماكن نادرة بالنسبة إلى مجموع القرآن، ومن المقطوع به أن ذلك لا يرضى به شاعر وهو أنه ينصب نفسه منصب النظم والارتهان بعهدة الوزن، ثم يأتي بكلام أكثره غير موزون، فعلم قطعا أن الذي وافق الوزن فيه غير مقصود فليس بشعر.
ولما كانت خفية من حيث أنه لا يعرف ذلك إلا الشعراء وهم قليل في الناس، والأغلب لا يعرفون ذلك، ختم الآية بالإيمان الذي هو التصديق بالغيب فقال تعالى: مخالفة القرآن للشعر قليلا ما تؤمنون أي ما توجدون التصديق الذي هو الإيمان إلا إيجادا أو زمانا قليلا، وذلك لأني [ قد -] أخبرتكم بذلك في غير موضع فلم تصدقوا وفيكم شعراء كثير يعرفون [ ص: 377 ] معرفة تامة أنه مخالف للشعر، وقد أخبركم بعضهم بذلك كالوليد بن المغيرة وعتبة ابن ربيعة وغيرهما ثم [ لا -] تتبعون ذلك ثمرته، وهو الإيمان بالله ورسوله، وإيمانهم القليل إقرار من أقر من شعرائهم أنه ليس بشعر، وإخلاصهم بالوحدانية عند الاضطرار وإفرادهم الخالق بالخلق والربوبية، وهو إيمان لغوي [ لا شرعي -] ،