ولما كان ترك ما أنذرهم بسببه من الكفر لا يغنيهم إلا أن آمنوا، وكان الإيمان مخلصا عن عواقب الإنذار لأنه لا يصح إلا مع ترك جميع أنواع الكفر، فسر الإنذار بقوله: nindex.php?page=treesubj&link=19860_28662_33953_34189_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3أن اعبدوا الله أي الملك [ ص: 427 ] الأعظم الذي له جميع الكمال، وذلك بأن تخلصوا التوجه إليه فإن غناه يمنع من أن يقبل عبادة فيه شرك وهذا هو الإيمان nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3واتقوه أي اجعلوا بينكم وبين غضبه وقاية تمنعكم من عذابه بالانتهاء عن كل ما يكرهه، فلا تتحركوا حركة ولا تسكنوا سكنة إلا في طاعته، وهذا هو العمل الواقي من كل سوء.

ولما كان لا سبيل إلى معرفة ما يرضي الملك ليلزم وما يسخطه ليترك إلا منه، ولا وصول إلى ذلك إلا من خاصته، ولا خاصة مثل رسوله الذي ائتمنه على سره قال: nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3وأطيعون أي لأعرفكم ما تقصر عنه عقولكم من صفات معبودكم ودينكم ودنياكم [ ومعادكم-] ، وأدلكم على اجتلاب آداب تهديكم، واجتناب شبهة ترديكم، ففي طاعتي، فلا حكم يرضي الملك عنكم، وهذا هو الإسلام، فقد جمع هذا الدعاء الإيمان والإسلام والعمل، وهي الأثافي التي تدور عليها أسباب الفلاح.

وَلَمَّا كَانَ تَرْكُ مَا أَنْذَرَهُمْ بِسَبَبِهِ مِنَ الْكُفْرِ لَا يُغْنِيهِمْ إِلَّا أَنْ آمَنُوا، وَكَانَ الْإِيمَانُ مُخْلِصًا عَنْ عَوَاقِبِ الْإِنْذَارِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ تَرْكِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، فَسِرُّ الْإِنْذَارِ بِقَوْلِهِ: nindex.php?page=treesubj&link=19860_28662_33953_34189_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أَيِ الْمَلِكَ [ ص: 427 ] الْأَعْظَمَ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الْكَمَالِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُخْلِصُوا التَّوَجُّهَ إِلَيْهِ فَإِنَّ غِنَاهُ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَقْبَلَ عِبَادَةً فِيهِ شِرْكٌ وَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3وَاتَّقُوهُ أَيِ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ غَضَبِهِ وِقَايَةً تَمْنَعُكُمْ مِنْ عَذَابِهِ بِالِانْتِهَاءِ عَنْ كُلِّ مَا يَكْرُهُهُ، فَلَا تَتَحَرَّكُوا حَرَكَةً وَلَا تَسْكُنُوا سَكَنَةً إِلَّا فِي طَاعَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْعَمَلُ الْوَاقِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

وَلَمَّا كَانَ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُرْضِي الْمَلِكَ لِيَلْزَمَ وَمَا يُسْخِطُهُ لِيَتْرُكَ إِلَّا مِنْهُ، وَلَا وُصُولَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا مِنْ خَاصَّتِهِ، وَلَا خَاصَّةَ مِثْلَ رَسُولِهِ الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَى سِرِّهِ قَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3وَأَطِيعُونِ أَيْ لِأُعَرِّفَكُمْ مَا تُقَصِّرُ عَنْهُ عُقُولُكُمْ مِنْ صِفَاتِ مَعْبُودِكُمْ وَدِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ [ وَمَعَادِكُمْ-] ، وَأَدُلُّكُمْ عَلَى اجْتِلَابِ آدَابٍ تَهْدِيكُمْ، وَاجْتِنَابِ شُبْهَةٍ تُرْدِيكُمْ، فَفِي طَاعَتِي، فَلَا حُكْمَ يُرْضِي الْمَلِكَ عَنْكُمْ، وَهَذَا هُوَ الْإِسْلَامُ، فَقَدْ جَمَعَ هَذَا الدُّعَاءَ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَمَلُ، وَهِيَ الْأَثَافِيُّ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا أَسْبَابُ الْفَلَاحِ.