ولما كان المحيط لا يتوصل إلى داخله إلى محيط العلم والقدرة، قال دالا على كمال قدرته وتصرفه معبرا بالجعل الذي يكون عن تصيير وتسبيب: وجعل القمر أي الذي ترونه وهو في السماء الدنيا، وبدأ به لقربه وسرعة حركته وقطعه جميع البروج في كل شهر مرة وغيبته في ليالي السرار ثم ظهوره، وذلك أعجب في القدرة.
[ ص: 443 ] ولما كانت السماء شفافات قال: فيهن أي السماوات جميعهن نورا أي لامعا منتشرا كاشفا للمرئيات، أحد وجهيه يضيء لأهل الأرض والثاني لأهل السماوات، ولما كان نوره مستفادا من نور الشمس قال: وجعل معظما لها بإعادة العامل الشمس أي في السماء الرابعة سراجا أي نورا عظيما كاشفا لظلمة الليل عن وجه الأرض وهي في السماء الرابعة، وروى ابن مردويه وعبد الرزاق عن والطبري ابن عباس رضي الله عنهم: وعبد الله بن عمرو "إن الشمس والقمر وجوههما مما يلي السماء، وأقفيتهما إلى الأرض" ; وروى منه ذكر القمر وجعلهما سبحانه آية على رؤية عباده المحسنين له في الجنة فإنه يرى كل أحد [ كلا -] من مكانه مخليا به، وكذلك يرونه سبحانه عيانا جهارا كما رأوه في الدنيا بالإيمان نظرا واعتبارا،
الحاكم