ولما قسمهم إلى القسمين، ذكر جزاء كل قسم فقال مستأنفا جواب من يسأل عن ذلك مبشرا للشاكر الذي استعد بعروجه في مراقي العبادات إلى ملكوت العلويات لروح وريحان وجنة نعيم، ومنذرا
[ ص: 135 ] للكافر الذي استعد بالهبوط في دركات المخالفات إلى التقيد بالسفليات لنزل من حميم وتصلية جحيم، مقدما للعاصي لأن طريق النشر المشوش أفصح، وليعادل البداءة بالشاكر في أصل التقسيم ليتعادل الخوف والرجاء، وليكون الشاكر أولا وآخرا، ولأن الانقياد بالوعيد أتم لأنه أدل على القدرة لا سيما في حق أهل الجاهلية الذين بعدت عنهم معرفة التكاليف الشرعية، وأكثر في القرآن العظيم من الدعاء بالترغيب والترهيب لأنه الذي يفهمه الجهال الذين هم أغلب الناس دون الحجج والبراهين، فإنها لا يفهمها إلا الخواص وأكد لأجل تكذيب الكفار:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إنا أي على ما لنا من العظمة
nindex.php?page=treesubj&link=30434_30532_30539_29047nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4أعتدنا أي هيأنا وأحضرنا بشدة وغلظة
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4للكافرين أي العريقين في الكفر خاصة، وقدم الأسهل في العذاب فالأسهل ترقيا فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4سلاسل يقادون ويرتقون بها، وقراءة من نون مشيرة إلى أنها عظيمة جدا، وكذا وقف أبي عمرو عليه بالألف مع المنع من الصرف
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4وأغلالا أي جوامع تجمع أيديهم إلى أعناقهم فيها فيهانون بها
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4وسعيرا أي نارا حامية جدا شديدة الاتقاد.
وَلَمَّا قَسَمَهُمْ إِلَى الْقِسْمَيْنِ، ذَكَرَ جَزَاءَ كُلِّ قِسْمٍ فَقَالَ مُسْتَأْنِفًا جَوَابَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ مُبَشِّرًا لِلشَّاكِرِ الَّذِي اسْتَعَدَّ بِعُرُوجِهِ فِي مَرَاقِي الْعِبَادَاتِ إِلَى مَلَكُوتِ الْعُلْوِيَّاتِ لِرُوحٍ وَرَيْحَانٍ وَجَنَّةِ نَعِيمٍ، وَمُنْذِرًا
[ ص: 135 ] لِلْكَافِرِ الَّذِي اسْتَعَدَّ بِالْهُبُوطِ فِي دِرْكَاتِ الْمُخَالَفَاتِ إِلَى التَّقَيُّدِ بِالسُّفْلِيَّاتِ لِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةِ جَحِيمٍ، مُقَدِّمًا لِلْعَاصِي لِأَنَّ طَرِيقَ النَّشْرِ الْمُشَوَّشِ أَفْصَحُ، وَلِيُعَادِلَ الْبُدَاءَةَ بِالشَّاكِرِ فِي أَصْلِ التَّقْسِيمِ لِيَتَعَادَلَ الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ، وَلِيَكُونَ الشَّاكِرُ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَلِأَنَّ الِانْقِيَادَ بِالْوَعِيدِ أَتَمُّ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ بَعُدَتْ عَنْهُمْ مَعْرِفَةُ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَكْثَرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ مِنَ الدُّعَاءِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَفْهَمُهُ الْجُهَّالُ الَّذِينَ هُمْ أَغْلَبُ النَّاسِ دُونَ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ، فَإِنَّهَا لَا يَفْهَمُهَا إِلَّا الْخَوَاصُّ وَأَكَّدَ لِأَجْلِ تَكْذِيبِ الْكُفَّارِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إِنَّا أَيْ عَلَى مَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30434_30532_30539_29047nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4أَعْتَدْنَا أَيْ هَيَّأْنَا وَأَحْضَرْنَا بِشِدَّةٍ وَغِلْظَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4لِلْكَافِرِينَ أَيِ الْعَرِيقِينَ فِي الْكُفْرِ خَاصَّةً، وَقَدَّمَ الْأَسْهَلَ فِي الْعَذَابِ فَالْأَسْهَلَ تَرَقِّيًا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4سَلاسِلَ يُقَادُونَ وَيَرْتَقُونَ بِهَا، وَقِرَاءَةُ مَنْ نَوَّنَ مُشِيرَةٌ إِلَى أَنَّهَا عَظِيمَةٌ جِدًّا، وَكَذَا وَقْفُ أَبِي عَمْرٍو عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ مَعَ الْمَنْعِ مِنَ الصَّرْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4وَأَغْلالا أَيْ جَوَامِعَ تَجْمَعُ أَيْدِيهِمْ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ فِيهَا فَيُهَانُونَ بِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4وَسَعِيرًا أَيْ نَارًا حَامِيَةً جِدًّا شَدِيدَةَ الِاتِّقَادِ.