ولما ذكر جزاءهم على برهم المبين لشكرهم، أتبعه تفصيله فقال مستأنفا بيانا لأن شكرهم بالتعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله وعمارة الظاهر والباطن لأنهم جمعوا بين كرم الطبع ولطافة المزاج الحامل على تجويز الممكن المقتضي للإيمان بالغيب: يوفون أي على سبيل الاستمرار بالنذر وهذا كناية عن وفائهم بجميع أنحاء العبادة لأن ويجوز أن يكون النذر كل ما تقدم إليهم فيه سبحانه. من وفى بما أوجبه على نفسه كان بما أوجبه الله من غير واسطة أوفى،
ولما دل وفاؤهم على سلامة طباعهم، قال عاطفا دلالة على جمعهم للأمرين المتعاطفين فهم يفعلون الوفاء لا لأجل الخوف بل لكرم الطبع: ويخافون أي مع فعلهم للواجبات يوما كان أي كونا هو في [ ص: 138 ] جبلته شره أي ما فيه من الشدائد مستطيرا أي موجود الطيران وجودا كأنه بغاية الرغبة فيه فهو في غاية الانتشار، قالوا: وما فارق الخوف قلبا إلا خرب، من خاف أدلج، ومن أدلج المنزل، فالخوف لاجتناب الشر والوفاء لاجتلاب الخير. والخوف أدل دليل على عمارة الباطن،