ومن الليل [ ص: 157 ] أي بعضه والباقي للراحة بالنوم فاسجد له أي وذكرهما بالسجود تنبيها على أنه أفضل الصلاة، فهو إشارة إلى أن الليل موضع الخضوع، وتقديم الظرف فصل له صلاتي المغرب والعشاء، لأن الالتفات فيه إلى جانب الحق أتم لزوال الشاغل للحواس من حركات الناس وأصواتهم وسائر الأحوال الدنيوية، فكان لما في صلاة الليل من مزيد الكلفة والخلوص ومزيد الفضيلة فكان [الخشوع -] فيه [و -] اللذة التامة بحلاوة العبادة أوفى أبعد عن الرياء وسبحه [أي -] بالتهجد ليلا طويلا نصفه أو أكثر منه أو أقل، ولعله سماه تسبيحا لأن مكابدة القيام فيه وغلبة النوم تذكر بما لله من العظمة بالتنزه عن كل نقيصة، ولأنه لا يترك محبوبه من الراحة بالنوم إلا من كان الله عنده في غاية النزاهة، وكان له في غاية المحبة.