لما ختمت سورة عبس ابتدئت هذه بإتمام ذلك، فصور ذلك اليوم بما يكون فيه من الأمور الهائلة من عالم الملك والملكوت حتى كأنه رأي عين كما رواه الإمام بوعيد الكفرة [الفجرة - ] بيوم الصاخة لجحودهم بما لهذا القرآن من التذكرة، أحمد والترمذي وغيرهم عن والطبراني رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم برجال ثقات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر إذا الشمس كورت " فقال بادئا بعالم الملك والشهادة لأنه أقرب تصورا لما يغلب على الإنسان من الوقوف مع المحسوسات، معلما بأنه سيخرب تزهيدا في كل ما يجر إليه وحثا على عدم المبالاة والابتعاد من التعلق بشيء من أسبابه: "من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة رأي العين فليقرأ إذا الشمس أي التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة وأوضحها للحس.
ولما كان المهول مطلق تكويرها الدال على عظمة مكورها، بني للمفعول على طريقة كلام القادرين قوله: كورت أي لفت بأيسر أمر من غير كلفة ما أصلا، فأدخلت في العرش - كما قاله رضي الله عنهما فذهب ما كان ينبسط من نورها، من كورت العمامة - إذا لففتها فكان [ ص: 276 ] بعضها على بعض وانطمس بعضها ببعض، والثوب - إذا جمعته فرفعته، فالتكوير كناية عن رفعها أو إلقائها في جهنم زيادة في عذاب أهلها ولا سيما عبدتها، أو ألقيت عن فلكها، من طعنه فكوره أي ألقاه مجتمعا، والتركيب للإدارة والجمع والرفع للشمس، فعل دل عليه "كورت" لأن "إذا" تطلب الفعل لما فيها من معنى الشرط، و[لما - ] كان التأثير في الأعظم دالا على التأثير فيما دونه بطريق الأولى، أتبع ذلك قوله معمما بعد التخصيص:
ابن عباس