ولما كانت مجالس الأنس لا سيما في الأماكن النضرة لا تطيب إلا بالمآكل والمشارب، وكان الشراب يدل على الأكل، قال مقتصرا عليه لأن هذه السور قصار يقصد فيها الجمع مع الاختصار قال: يسقون بانيا له للمفعول دلالة على أنهم مخدومون أبدا لا كلفة عليهم في شيء من رحيق أي شراب خالص صاف عتيق أبيض مطيب في غاية اللذة، فإنهم قالوا: إن الرحيق الخمر أو أطيبها أو أفضلها أو الخالص أو الصافي، وضرب من الطيب. ولا شك أن العاقل لا يشرب [ ص: 329 ] الخمر مطلقا فكيف بأعلاها [إلا - ] إذا [كان - ] مستكملا لمقدماتها من مأكول ومشروب وملبوس ومنكوح وغير ذلك، ولما كان الختم لا يكون إلا لما عظمت رتبته وعزت نفاسته، قال مريدا الحقيقة، أو الكناية عن نفاسته: مختوم أي فهو مع نفاسته سالم من الغبار وجميع الأقذاء والأقذار.