ولما نبه بالاستفهام على أن هذا أمر جدا ينبغي لكل أحد أن يترك جميع مهماته ويتفرغ للنظر فيه فإنه يكسبه السعادة الأبدية الدائمة، وكان الإنسان - مع كونه ضعيفا عاجزا - لا ينفك عن شاغل ومفتر، فلا يكاد يصح له نظر، تولى سبحانه وتعالى شرح ذلك عنه فأجاب الاستفهام بقوله: خلق أي الإنسان على أيسر وجه وأسهله بعد خلق أبيه آدم عليه الصلاة والسلام من تراب، وأمه حواء عليها السلام من ضلعه من ماء دافق أي هو - لقوة دفق الطبيعة له - [ ص: 378 ] كأنه يدفق بنفسه فهو إسناد مجازي، والدفق لصاحبه، أو هو مثل "لابن" أي ذي دفق، والدفق صب فيه دفع، ولم يقل: ماءين - إشارة إلى أنهما يجتمعان في الرحم [و - ] يمتزجان أشد امتزاج بحيث يصيران ماء واحدا.