ولما ندب إلى التوبة؛ ورغب فيها؛ بين أن ضرر إثمه لا يتعدى نفسه؛ حثا على التوبة؛ وتهييجا إليها لما جبل عليه كل أحد من محبة نفع نفسه؛ ودفع الضر عنها؛ فقال: ومن يكسب إثما ؛ أي إثم كان؛ فإنما يكسبه على نفسه ؛ لأن وباله راجع عليه؛ إذ الله له بالمرصاد؛ فهو مجازيه على ذلك؛ لا محالة؛ غير حامل لشيء من إثمه على غيره؛ كما أنه غير حامل لشيء من إثم غيره عليه؛ و"الكسب": فعل ما يجر نفعا؛ أو يدفع ضرا.
ولما كان هذا لا يكون إلا مع العلم؛ والحكمة؛ قال (تعالى): وكان الله ؛ أي: الذي له كمال الإحاطة أزلا؛ وأبدا؛ عليما ؛ أي: بالغ العلم بدقيق ذلك؛ وجليله؛ فلا يترك شيئا منه؛ حكيما ؛ فلا يجازيه إلا بمقدار ذنبه؛ وإذا أراد شيئا وضعه في أحكم مواضعه؛ فلا يمكن غيره شيء من نقضه.