ولما كان قوم طعمة قد ناجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدفع عنه؛ نبههم - سبحانه - وغيرهم على ما ينبغي أن يقع به التناجي؛ ويحسن فيه التفاؤل والتجاذب؛ على وجه ناه عن غيره أشد نهي؛ بقوله - سبحانه وتعالى -: لا خير في كثير من نجواهم ؛ أي: نجوى جميع المناجين؛ إلا من ؛ أي: نجوى من؛ أمر بصدقة ؛ ولما خص الصدقة لعزة المال في ذلك الحال؛ عمم بقوله: أو معروف ؛ أي معروف كان؛ مما يبيحه الشرع؛ من صدقة وغيرها.
ولما كان أمرا جليلا؛ نبه على عظمه بتخصيصه؛ بقوله: إصلاح ذات البين أو إصلاح بين الناس ؛ أي: عامة؛ فقد بين - سبحانه وتعالى - أن غير المستثنى من التناجي لا خير فيه؛ وكل ما انتفى عنه الخير كان مجتنبا - كما روى أحمد؛ في الكبير؛ بسند لا بأس به؛ وهذا لفظه؛ [ ص: 401 ] عن والطبراني؛ - رضي الله (تعالى) عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس عيسى - عليه الصلاة والسلام - قال: "إنما الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتبعه؛ وأمر تبين لك غيه فاجتنبه؛ وأمر اختلف فيه فرده إلى عالمه". "أن
ولما كان التقدير: "فمن أمر بشيء من ذلك فنجواه خير؛ وله عليها أجر"; عطف عليه قوله: ومن يفعل ذلك ؛ أي: الأمر العظيم الذي أمر به من هذه الأشياء؛ ابتغاء مرضات الله ؛ الذي له صفات الكمال؛ لأن العمل لا يكون له روح إلا بالنية؛ فسوف نؤتيه ؛ أي: في الآخرة؛ بوعد لا خلف فيه؛ أجرا عظيما ؛ وهذه الآية من أعظم الدلائل على أن وتصفية الداعية عن الالتفات إلى غرض دنيوي؛ فإن كان رياء انقلبت؛ فصارت من أعظم المفاسد. المطلوب من أعمال الظاهر؛ رعاية أحوال القلب في إخلاص النية؛