ولما أنكر عليه سبحانه وتعالى هذه النقائص قرره على ما أوجب شهوته [الحسية] المتفرعة إلى أنواع بما يستلزم أن يكون فاعله [له] المان عليه به من بعض فيضه، عالما بجميع أمره قادرا على نفعه وضره بنفسه وبمن أراد من جنده، فقال مشيرا إلى ما يترتب على نظر العين الباصرة الجائلة في العالم الحسي ونظر عين البصيرة الجائلة في العالم المعنوي من شهوته أن يحصل على كل ما يراه بعين باصرته ويعلمه بعين بصيرته من مليح، ويخلص من كل ما يراه من قبيح، ومذكرا له بما كان يجب عليه من الشكر باستعمال هذه المشاعر فيما شرع له [ ص: 56 ] وكفها عما منع الله منه: nindex.php?page=treesubj&link=32404_29061nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=8ألم نجعل أي بما لنا من العظمة التي لا يمكن أحدا أن يضاهيها ولا يقرب منها nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=8له عينين يبصر بهما وإلا لتعطل عليه أكثر ما يريد، شققناهما وهو في الرحم في ظلمات ثلاثة على مقدار مناسب لا يزيد إحداهما على الأخرى شيئا وقدرنا البياض والسواد أو الزرقة أو الشهلة أو غير ذلك على ما ترون، وأودعناهما البصر على كيفية يعجز الخلق عن إدراكها.

وَلَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذِهِ النَّقَائِصَ قَرَّرَهُ عَلَى مَا أَوْجَبَ شَهْوَتَهُ [الْحِسِّيَّةَ] الْمُتَفَرِّعَةَ إِلَى أَنْوَاعٍ بِمَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ [لَهُ] الْمَانُّ عَلَيْهِ بِهِ مِنْ بَعْضِ فَيْضِهِ، عَالِمًا بِجَمِيعِ أَمْرِهِ قَادِرًا عَلَى نَفْعِهِ وَضُرِّهِ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ أَرَادَ مِنْ جُنْدِهِ، فَقَالَ مُشِيرًا إِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نَظَرِ الْعَيْنِ الْبَاصِرَةِ الْجَائِلَةِ فِي الْعَالَمِ الْحِسِّيِّ وَنَظَرِ عَيْنِ الْبَصِيرَةِ الْجَائِلَةِ فِي الْعَالَمِ الْمَعْنَوِيِّ مِنْ شَهْوَتِهِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى كُلِّ مَا يَرَاهُ بِعَيْنِ بَاصِرَتِهِ وَيَعْلَمُهُ بِعَيْنِ بَصِيرَتِهِ مِنْ مَلِيحٍ، وَيَخْلُصَ مِنْ كُلِّ مَا يَرَاهُ مِنْ قَبِيحٍ، وَمُذَكِّرًا لَهُ بِمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّكْرِ بِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْمَشَاعِرِ فِيمَا شَرَعَ لَهُ [ ص: 56 ] وَكَفَّهَا عَمَّا مَنَعَ اللَّهُ مِنْهُ: nindex.php?page=treesubj&link=32404_29061nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=8أَلَمْ نَجْعَلْ أَيْ بِمَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يُضَاهِيَهَا وَلَا يَقْرُبَ مِنْهَا nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=8لَهُ عَيْنَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَا يُرِيدُ، شَقَقْنَاهُمَا وَهُوَ فِي الرَّحِمِ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثَةٍ عَلَى مِقْدَارٍ مُنَاسِبٍ لَا يَزِيدُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى شَيْئًا وَقَدَّرْنَا الْبَيَاضَ وَالسَّوَادَ أَوِ الزُّرْقَةَ أَوِ الشُّهْلَةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَرَوْنَ، وَأَوْدَعْنَاهُمَا الْبَصَرَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ يَعْجِزُ الْخَلْقُ عَنْ إِدْرَاكِهَا.