ولما ذكر - سبحانه وتعالى - أن الوقوف على الحق - فضلا عن الإحسان - وإن كانت المرأة واحدة - متعسر؛ أتبعه أن ذلك عند الجمع أعسر؛ فقال (تعالى) - معبرا بأداة التأكيد -: ولن تستطيعوا ؛ أي: توجدوا من أنفسكم طواعية بالغة دائمة؛ أن تعدلوا ؛ أي: من غير حيف أصلا؛ بين النساء ؛ في جميع ما يجب لكل واحدة منهن عليكم من الحقوق؛ ولو حرصتم ؛ أي: على فعل ذلك؛ وهذا مع قوله (تعالى): فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ؛ كالمختم للاختصار على واحدة.
ولما سبب عنه قوله: أخبر - سبحانه وتعالى - بألا يخلو نكاح العدد عن ميل؛ فلا ؛ أي: فإن كان لا بد لكم من العدد؛ أو فإن وقع الميل والزوجة واحدة؛ فلا تميلوا ؛ ولما كان مطلق الميل غير مقدور على تركه؛ فلم يكلف به؛ بين المراد بقوله: كل الميل ؛ ثم سبب عنه قوله: فتذروها ؛ أي: المرأة؛ كالمعلقة ؛ أي: بين النكاح والعزوبة؛ والزواج والانفراد.
ولما كان الميل الكثير مقدورا على تركه؛ فكان التقدير: "فإن [ ص: 425 ] ملتم كل الميل؛ مع إبقاء العصمة؛ فإن الله كان منتقما حسيبا"؛ عطف عليه قوله: وإن تصلحوا وتتقوا ؛ أي: بأن توجدوا على تجدد الأوقات؛ الإصلاح بالعدل في القسم؛ والتقوى في ترك الجور؛ فإن الله ؛ أي: الذي له الكمال كله؛ كان غفورا رحيما ؛ أي: محاء للذنوب؛ بليغ الإكرام؛ فهو جدير بأن يغفر لكم مطلق الميل؛ ويسبغ عليكم ملابس الإنعام.