ولما ثبتت عظمتها بالتنبيه على أنها أهل لأن يسأل عن خصائصها، قال مستأنفا:
nindex.php?page=treesubj&link=26777_29068nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3ليلة القدر أي التي خصصناها بإنزالنا [له] فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3خير من ألف شهر أي خالية [عنها] أو العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وذلك ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، قالوا: وهي مدة ملك بني أمية سواء، وتسميتها بذلك لشرفها ولعظيم قدرها، أو لأنه يفصل فيها من أم الكتاب مقادير الأمور، فيكتب فيها عن الله حكم ما يكون من تلك الليلة إلى مثلها من العام المقبل، من قولهم: قدر الله على هذا الأمر يقدره قدرا، أي قضاه، وهي الليلة المرادة في سورة الدخان بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فيها يفرق كل أمر حكيم وذكر الألف إما للمبالغة بنهاية مراتب العدد ليكون أبلغ من السبعين في تعظيمها أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر شخصا من مؤمني بني إسرائيل لبس السلاح مجاهدا في سبيل الله ألف شهر، فعجب المؤمنون منه فتقاصرت إليهم أعمالهم، فأعطاهم الله سبحانه وتعالى ليلة من قامها
[ ص: 180 ] كان خيرا من ذلك، وأبهمها في العشر الأخير من شهر رمضان في قول الجمهور على ما صح من الأحاديث ليجتهدوا في إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة والصلاة الوسطى في الخمس، واسمه الأعظم في الأسماء، ورضاه في سائر الطاعات ليرغبوا في جميعها، وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها، وقيام الساعة في الأوقات ليجتهدوا في كل لحظة حذرا من قيامها، والسر في ذلك أن النفيس لا يوصل إليه إلا باجتهاد عظيم إظهارا لنفاسته وإعظاما للرغبة فيه وإيذانا بالسرور به، لكن جعل السورة ثلاثين كلمة سواء يرجح أنهم السابعة والعشرون التي وازاها قوله هي - كما نقل عن
أبي بكر الوراق .
وَلَمَّا ثَبَتَتْ عَظَمَتُهَا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهَا أَهْلٌ لِأَنْ يَسْأَلَ عَنْ خَصَائِصِهَا، قَالَ مُسْتَأْنِفًا:
nindex.php?page=treesubj&link=26777_29068nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَيِ الَّتِي خَصَصْنَاهَا بِإِنْزَالِنَا [لَهُ] فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=3خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيْ خَالِيَةً [عَنْهَا] أَوِ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَذَلِكَ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، قَالُوا: وَهِيَ مُدَّةُ مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ سَوَاءٌ، وَتَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ لِشَرَفِهَا وَلِعَظِيمِ قَدْرِهَا، أَوْ لِأَنَّهُ يَفْصِلُ فِيهَا مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ مَقَادِيرُ الْأُمُورِ، فَيَكْتُبُ فِيهَا عَنِ اللَّهِ حُكْمُ مَا يَكُونُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَدَّرَ اللَّهُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ يُقَدِّرُهُ قَدْرًا، أَيْ قَضَاهُ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الْمُرَادَةُ فِي سُورَةِ الدُّخَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=4فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَذِكْرُ الْأَلْفِ إِمَّا لِلْمُبَالَغَةِ بِنِهَايَةِ مَرَاتِبِ الْعَدَدِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ مِنَ السَّبْعِينَ فِي تَعْظِيمِهَا أَوْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شَخْصًا مِنْ مُؤْمِنِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلَاحَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ، فَعَجِبَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ فَتَقَاصَرَتْ إِلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ، فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْلَةً مَنْ قَامَهَا
[ ص: 180 ] كَانَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَبْهَمَهَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا صَحَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ لِيَجْتَهِدُوا فِي إِدْرَاكِهَا كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى فِي الْخَمْسِ، وَاسْمُهُ الْأَعْظَمُ فِي الْأَسْمَاءِ، وَرِضَاهُ فِي سَائِرِ الطَّاعَاتِ لِيَرْغَبُوا فِي جَمِيعِهَا، وَسُخْطُهُ فِي الْمَعَاصِي لِيَنْتَهُوا عَنْ جَمِيعِهَا، وَقِيَامُ السَّاعَةِ فِي الْأَوْقَاتِ لِيَجْتَهِدُوا فِي كُلِّ لَحْظَةٍ حَذَرًا مِنْ قِيَامِهَا، وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّفِيسَ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِاجْتِهَادٍ عَظِيمٍ إِظْهَارًا لِنَفَاسَتِهِ وَإِعْظَامًا لِلرَّغْبَةِ فِيهِ وَإِيذَانًا بِالسُّرُورِ بِهِ، لَكِنْ جَعَلَ السُّورَةَ ثَلَاثِينَ كَلِمَةً سَوَاءٌ يُرَجِّحُ أَنَّهُمُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي وَازَاهَا قَوْلُهُ هِيَ - كَمَا نُقِلَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ .