ثم وصفهم بما يدل على أنهم المساترون بالكفر؛ بقوله (تعالى): الذين يتخذون الكافرين ؛ أي: المجاهرين بالكفر؛ أولياء ؛ أي: يتعززون بهم؛ تنفيرا من مقاربة صفتهم؛ ليتميز المخلص من المنافق؛ وبيانا لأن مرادهم بولايتهم إنما هو التعزز بهم؛ فإن محط أمرهم على العرض الدنيوي؛ ونبه على دناءة أمرهم؛ وعلى أن الغريق في الإيمان أعلى الناس؛ بقوله: من دون المؤمنين ؛ أي: الغريقين في الإيمان؛ ثم أنكر عليهم هذا المراد بقوله: أيبتغون ؛ أي: المنافقون؛ يتطلبون تطلبا عظيما؛ عندهم ؛ أي: الكافرين؛ العزة ؛ فكأنه قال: طلبهم العزة بهم سفه من الرأي؛ وبعد من الصواب؛ لأنه لا شيء من العزة عندهم.
ولما أنكر عليهم هذا الابتغاء؛ علله بقوله: فإن العزة لله ؛ أي: الذي لا كفؤ له؛ جميعا ؛ أي: وهم أعداء الله؛ فإنما يترقب لهم ضرب الذلة؛ والمسكنة؛ وما أحسن التفات هذه الآية إلى أول الآيات المحذرة من أهل الكتاب: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ؛ المختتمة بقوله: وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا !