ولما كان فيما تقدم أن الغفران للكافر - أعم من أن يكون منافقا أو لا - متعذر؛ وأتبعه ما لاءمه؛ إلى أن ختم بما دل على أن النفاق أغلظ أنواع الكفر؛ استثنى منه؛ دلالة على أن غيره من الكفرة في هذا الاستثناء أولى؛ تنبيها على أن ذلك النفي المبالغ فيه إنما هو لمن
[ ص: 445 ] مات على ذلك؛ ولكنه سيق على ذلك الوجه تهويلا لما ذكره في حيزه؛ وتنفيرا منه؛ فقال (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=19721_28270_29680_30513_30526_32483_34086_34135_34141_34298_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146إلا الذين تابوا ؛ أي: رجعوا عما كانوا عليه من النفاق؛ بالندم والإقلاع؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وأصلحوا ؛ أي: أعمالهم الظاهرة؛ من الصلاة التي كانوا يراؤون فيها؛ وغيرها؛ بالإقلاع عن النفاق؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146واعتصموا بالله ؛ أي: اجتهدوا في أن تكون عصمتهم - أي: ارتباطهم - بالملك الأعظم؛ في عدم العود إلى ما كانوا عليه.
ولما كان الإقلاع عن النفاق - الذي من أنواعه الرياء - أصلا؛ ورأسا - في غاية العسر؛ قال - حثا على مجاهدة النفس فيه -:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وأخلصوا دينهم ؛ أي: كله؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146لله ؛ أي: الذي له الكمال كله؛ فلم يريدوا بشيء من عبادتهم غير وجهه؛ لا رياء ولا غيره؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146فأولئك ؛ أي: العالو الرتبة؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146مع المؤمنين ؛ أي: الذين صار الإيمان لهم وصفا راسخا في الجنة؛ وإن عذبوا على معاصيهم؛ ففي الطبقة العليا من النار؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وسوف يؤت الله ؛ أي: المحيط بكل شيء قدرة وعلما؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146المؤمنين ؛ أي: بوعد لا خلف فيه؛ وإن أصابهم قبل ذلك ما أصابهم؛ وإن طال عذابهم؛ تهذيبا لهم من المعاصي؛ بما أشار إليه لفظ "سوف"؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146أجرا عظيما ؛ أي: بالخلود في الجنة؛ التي لا ينقضي نعيمها؛ ولا يتكدر يوما نزيلها؛ فيشاركهم من كان معهم؛ لأنهم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وَلَمَّا كَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْغُفْرَانَ لِلْكَافِرِ - أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنَافِقًا أَوْ لَا - مُتَعَذِّرٌ؛ وَأَتْبَعَهُ مَا لَاءَمَهُ؛ إِلَى أَنْ خَتَمَ بِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ النِّفَاقَ أَغْلَظُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ؛ اسْتَثْنَى مِنْهُ؛ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْكَفَرَةِ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَوْلَى؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النَّفْيَ الْمُبَالَغَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ
[ ص: 445 ] مَاتَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلَكِنَّهُ سِيقَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ تَهْوِيلًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي حَيِّزِهِ؛ وَتَنْفِيرًا مِنْهُ؛ فَقَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=19721_28270_29680_30513_30526_32483_34086_34135_34141_34298_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146إِلا الَّذِينَ تَابُوا ؛ أَيْ: رَجَعُوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ النِّفَاقِ؛ بِالنَّدَمِ وَالْإِقْلَاعِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَأَصْلَحُوا ؛ أَيْ: أَعْمَالَهُمُ الظَّاهِرَةَ؛ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانُوا يُرَاؤُونَ فِيهَا؛ وَغَيْرِهَا؛ بِالْإِقْلَاعِ عَنِ النِّفَاقِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ ؛ أَيْ: اجْتَهَدُوا فِي أَنْ تَكُونَ عِصْمَتُهُمْ - أَيْ: ارْتِبَاطُهُمْ - بِالْمَلِكِ الْأَعْظَمِ؛ فِي عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِقْلَاعُ عَنِ النِّفَاقِ - الَّذِي مِنْ أَنْوَاعِهِ الرِّيَاءُ - أَصْلًا؛ وَرَأْسًا - فِي غَايَةِ الْعُسْرِ؛ قَالَ - حَثًّا عَلَى مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ فِيهِ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ ؛ أَيْ: كُلَّهُ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146لِلَّهِ ؛ أَيْ: الَّذِي لَهُ الْكَمَالُ كُلُّهُ؛ فَلَمْ يُرِيدُوا بِشَيْءٍ مِنْ عِبَادَتِهِمْ غَيْرَ وَجْهِهِ؛ لَا رِيَاءً وَلَا غَيْرَهُ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146فَأُولَئِكَ ؛ أَيْ: الْعَالُو الرُّتْبَةِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ أَيْ: الَّذِينَ صَارَ الْإِيمَانُ لَهُمْ وَصْفًا رَاسِخًا فِي الْجَنَّةِ؛ وَإِنْ عُذِّبُوا عَلَى مَعَاصِيهِمْ؛ فَفِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنَ النَّارِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ ؛ أَيْ: الْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وَعِلْمًا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146الْمُؤْمِنِينَ ؛ أَيْ: بِوَعْدٍ لَا خُلْفَ فِيهِ؛ وَإِنْ أَصَابَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُمْ؛ وَإِنْ طَالَ عَذَابُهُمْ؛ تَهْذِيبًا لَهُمْ مِنَ الْمَعَاصِي؛ بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ لَفْظُ "سَوْفَ"؛
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=146أَجْرًا عَظِيمًا ؛ أَيْ: بِالْخُلُودِ فِي الْجَنَّةِ؛ الَّتِي لَا يَنْقَضِي نَعِيمُهَا؛ وَلَا يَتَكَدَّرُ يَوْمًا نَزِيلُهَا؛ فَيُشَارِكُهُمْ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ.