ولما كان هذا التصريح بالترغيب المتضمن للتلويح بالترهيب مقتضيا للعاقل المبادرة إلى الطاعة بين أنه تسبب عنه أن بعضهم عصوا وكفروا هذه النعمة العظيمة ولم يقتصروا على ترك هذا الأمر بل بدلوه بدخولهم كما في الحديث : " يزحفون على أستاههم قائلين : حبة في شعرة " أي جنس الحب في جنس الشعرة أي في الغرائر مطلوبنا لا الحطة وهي غفران
[ ص: 399 ] الذنوب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : أمروا بالإخلاص لله نظرا إلى حياة قلوبهم فطلبوا الحنطة نظرا إلى حياة جسومهم فقال تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=25987_28673_30525_31931_32424_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فبدل من التبديل وهو تعويض شيء مكان شيء . انتهى .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59الذين ظلموا وأسقط : " منهم " ؛ لما يأتي في الأعراف
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59قولا أي مكان القول الذي أمروا به .
ولما كان التبديل وإن كان يفهم التغيير لكنه يصدق بأدنى تغيير ولو أنه في اللفظ وإن اتحد المعنى بين أنه مضاد له بحيث لا يمكن اجتماعهما بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59غير الذي قيل لهم فإن غيرا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي [ ص: 400 ] كلمة تفهم انتفاء وإثبات ضد ما انتفى ، وقال : ذكر تعالى عدولهم عن كل ذلك واشتغالهم ببطونهم وعاجل دنياهم فطلبوا طعام بطونهم التي قد فرغ منها التقدير وأظهر لهم الغناء عنها في حال التيه بإنزال المن والسلوى إظهارا لبلادة طباعهم وغلبة حب العاجلة عليهم فبدلوا كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله وهي الحطة بطلب الحنطة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنـزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم [ ص: 401 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " . انتهى . وبين أنه خص المبدلين بالعتاب نعمة منه مع أن له أن يعم فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فأنـزلنا أي بعظمتنا بسبب ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59على الذين ظلموا أي خاصة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59رجزا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : هو أشد العذاب ، وما جره أيضا يسمى رجزا مما يجب
[ ص: 402 ] أن يزجر عنه والزجر كف البهائم عن عدواها . انتهى . ولما كان الإنزال مفهما للسماء حققه تعظيما له بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59من السماء بما أي بسبب ما
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59كانوا يفسقون أي يجددون الخروج من الطاعة إلى المعصية في كل وقت . ففي إفهامه أنهم يعودون إلى الطاعة بعد الخروج منها وذلك مقتض لأن يكون يظلمون أشد منه كما يأتي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : فبحق يجب على من دخل من باب جبل أو قرية أن يقول في وصيدها : لا إله إلا الله ، ليحط عنه ماضي ذنوبه ، فكأن ذكر الله في باب المدينة والشعب ذكاة لذلك المدخل ، فمن لم يدخله مذكيا دخله فاسقا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق فلذلك ما انختم ذكرهم في الآية بالفسق . انتهى .
وَلَمَّا كَانَ هَذَا التَّصْرِيحُ بِالتَّرْغِيبِ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّلْوِيحِ بِالتَّرْهِيبِ مُقْتَضِيًا لِلْعَاقِلِ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الطَّاعَةِ بَيَّنَ أَنَّهُ تَسَبَّبَ عَنْهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ عَصَوْا وَكَفَرُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى تَرْكِ هَذَا الْأَمْرِ بَلْ بَدَّلُوهُ بِدُخُولِهِمْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ : " يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ قَائِلِينَ : حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ " أَيْ جِنْسُ الْحَبِّ فِي جِنْسِ الشَّعْرَةِ أَيْ فِي الْغَرَائِرِ مَطْلُوبُنَا لَا الْحِطَّةُ وَهِيَ غُفْرَانُ
[ ص: 399 ] الذُّنُوبِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ : أُمِرُوا بِالْإِخْلَاصِ لِلَّهِ نَظَرًا إِلَى حَيَاةِ قُلُوبِهِمْ فَطَلَبُوا الْحِنْطَةَ نَظَرًا إِلَى حَيَاةِ جُسُومِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=25987_28673_30525_31931_32424_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فَبَدَّلَ مِنَ التَّبْدِيلِ وَهُوَ تَعْوِيضُ شَيْءٍ مَكَانَ شَيْءٍ . انْتَهَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَسْقَطَ : " مِنْهُمْ " ؛ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَعْرَافِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59قَوْلا أَيْ مَكَانَ الْقَوْلِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ .
وَلَمَّا كَانَ التَّبْدِيلُ وَإِنْ كَانَ يُفْهِمُ التَّغْيِيرَ لَكِنَّهُ يَصْدُقُ بِأَدْنَى تَغْيِيرٍ وَلَوْ أَنَّهُ فِي اللَّفْظِ وَإِنِ اتَّحَدَ الْمَعْنَى بَيَّنَ أَنَّهُ مُضَادٌّ لَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَإِنَّ غَيْرًا كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ [ ص: 400 ] كَلِمَةٌ تُفْهِمُ انْتِفَاءَ وَإِثْبَاتَ ضِدِّ مَا انْتَفَى ، وَقَالَ : ذَكَرَ تَعَالَى عُدُولَهُمْ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ وَاشْتِغَالَهُمْ بِبُطُونِهِمْ وَعَاجِلِ دُنْيَاهُمْ فَطَلَبُوا طَعَامَ بُطُونِهِمُ الَّتِي قَدْ فَرَغَ مِنْهَا التَّقْدِيرُ وَأَظْهَرَ لَهُمْ الْغَنَاءَ عَنْهَا فِي حَالِ التِّيهِ بِإِنْزَالِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى إِظْهَارًا لِبَلَادَةِ طِبَاعِهِمْ وَغَلَبَةِ حُبِّ الْعَاجِلَةِ عَلَيْهِمْ فَبَدَّلُوا كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهِيَ الْحِطَّةُ بِطَلَبِ الْحِنْطَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [ ص: 401 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ " . انْتَهَى . وَبَيَّنَ أَنَّهُ خَصَّ الْمُبَدِّلِينَ بِالْعِتَابِ نِعْمَةً مِنْهُ مَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعُمَّ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فَأَنْـزَلْنَا أَيْ بِعَظَمَتِنَا بِسَبَبِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ خَاصَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59رِجْزًا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ : هُوَ أَشَدُّ الْعَذَابِ ، وَمَا جَرَّهُ أَيْضًا يُسَمَّى رِجْزًا مِمَّا يَجِبُ
[ ص: 402 ] أَنْ يَزْجُرَ عَنْهُ وَالزَّجْرُ كَفُّ الْبَهَائِمِ عَنْ عَدْوَاهَا . انْتَهَى . وَلَمَّا كَانَ الْإِنْزَالُ مُفْهِمًا لِلسَّمَاءِ حَقَّقَهُ تَعْظِيمًا لَهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59مِنَ السَّمَاءِ بِمَا أَيْ بِسَبَبِ مَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59كَانُوا يَفْسُقُونَ أَيْ يُجَدِّدُونَ الْخُرُوجَ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ . فَفِي إِفْهَامِهِ أَنَّهُمْ يَعُودُونَ إِلَى الطَّاعَةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِأَنْ يَكُونَ يَظْلِمُونَ أَشَدَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ : فَبِحَقٍّ يَجِبُ عَلَى مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ جَبَلٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَنْ يَقُولَ فِي وَصِيدِهَا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، لِيُحَطَّ عَنْهُ مَاضِي ذُنُوبِهِ ، فَكَأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ فِي بَابِ الْمَدِينَةِ وَالشِّعْبِ ذَكَاةٌ لِذَلِكَ الْمَدْخَلِ ، فَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهُ مُذَكِّيًا دَخَلَهُ فَاسِقًا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ فَلِذَلِكَ مَا انْخَتَمَ ذِكْرُهُمْ فِي الْآيَةِ بِالْفِسْقِ . انْتَهَى .