ولما [علم الله تعالى أنهم يقولون في جواب هذا : إن هذا إلا أساطير الأولين] ، أمره - صلى الله عليه وسلم - بعد ما مضى من التعجيب من كونهم لم ينظروا بقلوبهم أو أبصارهم مصارع الماضين في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ألم يروا كم أهلكنا أن يأمرهم بأن يشاهدوا مصارع من تمكن في قلوبهم علم أنهم أهلكوا بمثل تكذيبهم من قوم
صالح ولوط وشعيب وغيرهم ليغنيهم ذلك عن مشاهدة ما اقترحوا ، فقال تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30549_32016_32438_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11قل سيروا أي : أوقعوا السير للاعتبار ولا تغتروا بإمهالكم وتمكينكم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11في الأرض - الآية ، وهي كالدليل على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين
ولما كان السياق للتهديد بالتحذير من مثل أخذ الأمم الماضية ، وكان قد سلف أنه لا تقدمهم عن آجالهم ، أمهلهم في النظر فإنه أقوى في التهديد ، وأدل على القدرة ، وأدعى إلى النصفة ولا سيما والسورة من أوائل القرآن نزولا وأوائله ترتيبا ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11ثم انظروا وأشار إلى أن هذا أهل لأن يسأل عنه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11كيف كان عاقبة أي : آخر أمر
[ ص: 30 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11المكذبين أي : أنعموا النظر وبالغوا في التفكر وأطيلوا التدبر إذا رأيتم آثار المعذبين لأجل تكذيب الرسل ، فإنكم إذا شاهدتم تلك الآثار كمل لكم الاعتبار وقوي الاستبصار ، وذلك إشارة إلى أن الأمر في غاية الانكشاف ، فكلما طال الفكر فيه ازداد ظهورا .
وَلَمَّا [عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي جَوَابِ هَذَا : إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ] ، أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ التَّعْجِيبِ مِنْ كَوْنِهِمْ لَمْ يَنْظُرُوا بِقُلُوبِهِمْ أَوْ أَبْصَارِهِمْ مَصَارِعَ الْمَاضِينَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِأَنْ يُشَاهِدُوا مَصَارِعَ مَنْ تَمَكَّنَ فِي قُلُوبِهِمْ عِلْمُ أَنَّهُمْ أُهْلِكُوا بِمِثْلِ تَكْذِيبِهِمْ مِنْ قَوْمِ
صَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ لِيُغْنِيَهُمْ ذَلِكَ عَنْ مُشَاهَدَةِ مَا اقْتَرَحُوا ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30549_32016_32438_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11قُلْ سِيرُوا أَيْ : أَوْقِعُوا السَّيْرَ لِلِاعْتِبَارِ وَلَا تَغْتَرُّوا بِإِمْهَالِكُمْ وَتَمْكِينِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11فِي الأَرْضِ - الْآيَةُ ، وَهِيَ كَالدَّلِيلِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ
وَلَمَّا كَانَ السِّيَاقُ لِلتَّهْدِيدِ بِالتَّحْذِيرِ مِنْ مِثْلِ أَخْذِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ ، وَكَانَ قَدْ سَلَفَ أَنَّهُ لَا تَقْدَمُهُمْ عَنْ آجَالِهِمْ ، أَمْهَلَهُمْ فِي النَّظَرِ فَإِنَّهُ أَقْوَى فِي التَّهْدِيدِ ، وَأَدَلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ ، وَأَدْعَى إِلَى النَّصْفَةِ وَلَا سِيَّمَا وَالسُّورَةُ مِنْ أَوَائِلِ الْقُرْآنِ نُزُولًا وَأَوَائِلِهِ تَرْتِيبًا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11ثُمَّ انْظُرُوا وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ هَذَا أَهْلٌ لِأَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ أَيْ : آخِرُ أَمْرِ
[ ص: 30 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=11الْمُكَذِّبِينَ أَيْ : أَنْعِمُوا النَّظَرَ وَبَالِغُوا فِي التَّفَكُّرِ وَأَطِيلُوا التَّدَبُّرَ إِذَا رَأَيْتُمْ آثَارَ الْمُعَذَّبِينَ لِأَجْلِ تَكْذِيبِ الرُّسُلِ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا شَاهَدْتُمْ تِلْكَ الْآثَارَ كَمُلَ لَكُمْ الِاعْتِبَارُ وَقَوِيَ الِاسْتِبْصَارُ ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي غَايَةِ الِانْكِشَافِ ، فَكُلَّمَا طَالَ الْفِكْرُ فِيهِ ازْدَادَ ظُهُورًا .