وقرأ الحسن والأعمش "ساء مثل القوم" برفع "مثل" مضافا للقوم. وعيسى بن عمر: والجحدري روي عنه كذلك، وروي عنه كسر الميم وسكون الثاء ورفع اللام وجر القوم. وهذه القراءة المنسوبة لهؤلاء الجماعة تحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون "ساء" للتعجب مبنية تقديرا على فعل بضم العين كقولهم: "لقضو الرجل"، و "مثل القوم" فاعل بها، والتقدير: ما أسوأ مثل [ ص: 519 ] القوم، والموصول على هذا في محل جر نعتا لقوم. والثاني: أنها بمعنى بئس، ومثل القوم فاعل، والموصول على هذا في محل رفع لأنه المخصوص بالذم، وعلى هذا فلا بد من حذف مضاف ليتصادق الفاعل والمخصوص على شيء واحد. والتقدير: ساء مثل القوم مثل الذين. وقدر الشيخ تمييزا في هذه القراءة وفيه نظر، إذ لا يحتاج إلى تمييز إذا كان الفاعل ظاهرا حتى جعلوا الجمع بينهما ضرورة كقوله:
2340 - تزود مثل زاد أبيك فينا فنعم الزاد زاد أبيك زادا
وفي المسألة ثلاثة مذاهب: الجواز مطلقا، والمنع مطلقا، والتفصيل: فإن كان مغايرا للفظ ومفيدا فائدة جديدة جاز نحو: نعم الرجل شجاعا زيد، وعليه قوله:
2341 - تخيره فلم يعدل سواه فنعم المرء من رجل تهامي
قوله: وأنفسهم كانوا يظلمون مفعول لـ "يظلمون"، وفيه دليل على تقديم خبر كان عليها; لأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل غالبا. وقلت "غالبا" لأن ثم مواضع يمتنع فيها ذلك نحو فأما اليتيم فلا تقهر فاليتيم مفعول بـ "تقهر" ولا يجوز تقديم "تقهر" على جازمه، وهو محتمل للبحث.
وهذه الجملة الكونية تحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون نسقا على الصلة وهي "كذبوا بآياتنا". والثاني: أن تكون مستأنفة، وعلى كلا القولين [ ص: 520 ] فلا محل لها، وقدم المفعول ليفيد الاختصاص، وهذا على طريق وأنظاره. الزمخشري