2371 - أنى ألم بك الخيال يطيف ومطافه لك ذكرة وشعوف
والثاني: أنه مخفف من فيعل، والأصل: طيف بتشديد الياء فحذف عين الكلمة كقولهم في ميت ميت وفي لين لين وفي هين هين. ثم طيف الذي هو الأصل يحتمل أن يكون من طاف يطيف أو من طاف يطوف، والأصل: طيوف فقلب وأدغم وهذا قول والثالث: أن أصله طوف من طاف يطوف، فقلبت الواو ياء. قال أبي بكر بن الأنباري. "قلبت الواو ياء وإن كانت ساكنة كما قلبت في أيد وهو بعيد". قلت: وقد قالوا أيضا في حول: حيل، ولكن هذا من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه. وقوله "وإن كانت ساكنة" ليس هذا مقتضيا لمنع قلبها ياء بل كان ينبغي أن يقال: وإن كان ما قبلها غير مكسور. أبو البقاء:
وأما طائف فاسم فاعل، يحتمل أن يكون من طاف يطوف فيكون كقائم وقائل، وأن يكون من طاف يطيف فيكون كبائع ومائل. وقد زعم بعضهم أن طيفا وطائفا بمعنى واحد ويعزى للفراء، فيحتمل أن يرد طائفا لطيف فيجعلهما مصدرين. وقد جاء فاعل مصدرا كقولهم: "أقائما وقد قعد الناس" وأن يرد طيفا لطائف، أي: فيجعله وصفا على فعل. [ ص: 547 ] وقال "الطيف كالخطرة، والطائف كالخاطر" ففرق بينهما. وقال الفارسي: "الطيف: اللمم، والطائف ما طاف حول الإنسان". قال الكسائي: وكيف هذا وقد قال ابن عطية: الأعشى:
2372 - وتصبح من غب السرى وكأنما ألم بها من طائف الجن أولق
ولا أدري ما تعجبه؟ وكأنه أخذ قوله "ما طاف حول الإنسان" مقيدا بالإنسان، وهذا قد جعله طائفا بالناقة، وهي سقطة لأن إنما قاله اتفاقا لا تقييدا. وقال الكسائي طاف: أقبل وأدبر يطوف طوفا وطوافا، وأطاف: استدار القوم من نواحيهم. وطاف الخيال: ألم، يطيف طيفا. فقد فرق أبو زيد الأنصاري: أبو زيد بين ذي الواو وذي الياء، فخصص كل مادة بمعنى. وفرق أيضا بين فعل وأفعل كما رأيت.
وزعم السهيلي أنه لا يستعمل من "طاف الخيال" اسم فاعل قال: "لأنه تخيل لا حقيقة له". قال: فأما قوله تعالى: فطاف عليها طائف من ربك فلا يقال فيه طيف لأنه اسم فاعل حقيقة. وقال حسان:
2373 - جنية أرقني طيفها تذهب صبحا وترى في المنام
وقال "الطيف: الجنون، والطائف: الغضب"، وعن السدي: رضي الله عنه هما بمعنى واحد وهو النزغ. [ ص: 548 ] ابن عباس