2374 - قوم إذا الخيل جالوا في كواثبها . . . . . . . . . . . . . .
وقد تقدم لك في هذا كلام وبحث مع وغيره من حيث جريان الفعل على غير من هو له ولم يبرز ضمير، وهذا التأويل الذي ذكرته هو قول الجمهور عليه عامة المفسرين. قال مكي "هو أوجه لأن إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا". الزمخشري:
الثاني: أن المراد بالإخوان الشياطين، وبالضمير المضاف إليه الجاهلون أو غير المتقين; لأن الشيء يدل على مقابله. والواو تعود على الإخوان، والضمير المنصوب يعود على الجاهلين أو غير المتقين، والمعنى: والشياطين الذين هم إخوان الجاهلين أو غير المتقين يمدون الجاهلين أو غير المتقين في الغي، والخبر في هذا الوجه جار على من هو له لفظا ومعنى وهذا تفسير [ ص: 549 ] الثالث: أن يعود الضمير المجرور والمنصوب على الشياطين، والمرفوع على الإخوان وهم الكفار. قال قتادة. "ويكون المعنى: وإخوان الشياطين في الغي بخلاف الإخوة في الله يمدون [الشياطين] ، أي: بطاعتهم لهم وقبولهم منهم، ولا يترتب هذا التأويل على أن يتعلق في الغي بالإمداد: لأن الإنس لا يغوون الشياطين". قلت: يعني يكون في "الغي" حالا من المبتدأ أي: وإخوانهم حال كونهم مستقرين في الغي، وفي مجيء الحال من المبتدأ خلاف، والأحسن أن يتعلق بما تضمنه إخوانهم من معنى المؤاخاة والأخوة، وسيأتي فيه بحث ابن عطية: للشيخ.
قال الشيخ: ويمكن أن يتعلق "في الغي" على هذا التأويل بـ "يمدونهم" على جهة السببية، أي: يمدونهم بسبب غوايتهم نحو: "دخلت امرأة النار في هرة"، أي: بسبب هرة، ويحتمل أن يكون "في الغي" حالا فيتعلق بمحذوف، أي: كائنين في الغي، فيكون "في الغي" في موضعه، ولا يتعلق بإخوانهم، وقد جوز ذلك وعندي في ذلك نظر، فلو قلت: "مطعمك زيد لحما" تريد: مطعمك لحما زيد، فتفصل بين المبتدأ ومعموله بالخبر لكان في جوازه نظر; لأنك فصلت بين العامل والمعمول بأجنبي لهما معا، وإن كان ليس أجنبيا لأحدهما وهو المبتدأ. ابن عطية.
قلت: ولا يظهر منع هذا البتة لعدم أجنبيته.
وقرأ "يمدونهم" بضم الياء وكسر الميم من أمد، والباقون بفتح [ ص: 550 ] الياء وضم الميم من مد، وقد تقدم الكلام على هذه المادة، وهل هما بمعنى واحد أم بينهما فرق في أوائل هذا الموضوع. وقرأ نافع: الجحدري "يمادونهم" من ماده بزنة فاعله.
وقرأ العامة "يقصرون" من أقصر، قال الشاعر:
2375 - لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر ولا مقصر يوما فيأتيني بقر
وقال امرؤ القيس:
2376 - سما لك شوق بعدما كان أقصرا وحلت سليمى بطن قو فعرعرا
أي: ولا نازع عما هو فيه، وارتفع شوقك بعدما كان قد نزع وأقلع. وقرأ عيسى بن عمر "ثم لا يقصرون" بفتح الياء وضم الصاد من قصر، أي: ثم لا ينقصون من إمدادهم. وهذه الجملة أعني "وإخوانهم يمدونهم" زعم وابن أبي عبلة أنها متصلة بالجملة من قوله الزجاج ولا يستطيعون لهم نصرا وهو تكلف بعيد.
وقوله في الغي : قد تقدم أنه يجوز أن يكون متعلقا بالفعل، أو بإخوانهم، أو بمحذوف على أنه حال: إما من إخوانهم، وإما من واو "يمدونهم"، وإما من مفعوله.