ويجوز في "ما" أن تكون شرطية، وعاملها "غنمتم" بعدها، واسم "أن" حينئذ ضمير الأمر والشأن وهو مذهب إلا أن هذا لا يجوز عند البصريين إلا ضرورة بشرط أن لا يليها فعل كقوله: [ ص: 606 ] الفراء.
2417 - إن من يدخل الكنيسة يوما يلق فيها جآذرا وظباء
وقول الآخر:
2418 - إن من لام في بني بنت حسا ن ألمه وأعصه في الخطوب
وقيل: الفاء زائدة و "أن" الثانية بدل من الأولى. وقال وقد قيل: إن الثانية مؤكدة للأولى، وهذا لا يجوز لأن "أن" الأولى تبقى بغير خبر، ولأن الفاء تحول بين المؤكد والمؤكد، وزيادتها لا تحسن في مثل هذا. وقيل: "ما" مصدرية والمصدر بمعنى المفعول أي: أن مغنومكم [هو] المفعول به، أي: واعلموا أن غنمكم، أي مغنومكم. مكي:
قوله: من شيء في محل نصب على الحال من عائد الموصول المقدر، والمعنى: ما غنمتموه كائنا من شيء أي: قليلا أو كثيرا. وحكى عن ابن عطية عن الجعفي أبي بكر عن وحكى غيره عن عاصم، عن الجعفي هارون عن "فإن لله" بكسر الهمزة. ويؤيد هذه القراءة قراءة أبي عمرو: "فلله خمسه" فإنها استئناف. النخعي
وخرجها على أنها وما في حيزها في محل رفع خبرا لـ "أن" الأولى. [ ص: 607 ] وقرأ أبو البقاء الحسن وعبد الوارث عن "خمسه" وهو تخفيف حسن. وقرأ أبي عمرو "خمسه"، قالوا: وتخريجها أنه أتبع الخاء لحركة ما قبلها، وهي هاء الجلالة من كلمة أخرى مستقلة قالوا: وهي كقراءة من قرأ والسمآء ذات الحبك بكسر الحاء إتباعا لكسرة التاء من "ذات" ولم يعتدوا بالساكن وهو لام التعريف لأنه حاجز غير حصين. ليت شعري وكيف يقرأ الجعفي والحالة هذه؟ فإنه إن قرأ كذلك مع ضم الميم فيكون في غاية الثقل لخروجه من كسر إلى ضم، وإن قرأ بسكونها وهو الظاهر فإنه نقلها قراءة عن الجعفي أو عن أبي عمرو ولكن الذي قرأ "ذات الحبك" يبقي ضمة الباء فيؤدي إلى فعل بكسر الفاء وضم العين وهو بناء مرفوض، وإنما قلت إنه يقرأ كذلك; لأنه لو قرأ بكسر الباء لما احتاجوا إلى تأويل قراءته على الإتباع لأن في "الحبك" لغتين: ضم الحاء والباء أو كسرهما، حتى زعم بعضهم أن قراءة الخروج من كسر إلى ضم من التداخل. عاصم،
والغنيمة أصلها من الغنم وهو الفوز، وأصل ذلك من الغنم هذا الحيوان المعروف فإن الظفر به يسمى غنما ثم اتسع في ذلك فسمي كل شيء مظفور به غنما ومغنما وغنيمة. قال علقمة بن عبدة:
2419 - ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه أنى توجه والمحروم محروم
وقال آخر: [ ص: 608 ]
2420 - لقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
قوله: إن كنتم شرط جوابه مقدر عند الجمهور لا متقدم، أي: إن كنتم آمنتم فاعلموا أن حكم الخمس ما تقدم، أو فاقبلوا ما أمرتم به.
قوله: وما أنزلنا "ما" عطف على الجلالة فهي مجرورة المحل، وعائدها محذوف. وزعم بعضهم أن جواب الشرط متقدم عليه، وهو قوله "فنعم المولى" وهذا لا يجوز على قواعد البصريين.
قوله يوم الفرقان يجوز فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون منصوبا بـ "أنزلنا" أي: أنزلناه في يوم بدر الذي فرق فيه بين الحق والباطل. الثاني: أن ينتصب بقوله "آمنتم" ، أي: إن كنتم آمنتم في يوم الفرقان. ذكره والثالث: أنه يجوز أن يكون منصوبا بغنمتم. قال أبو البقاء. "أي ما غنمتم في يوم الفرقان حكمه كذا وكذا". قال الزجاج: "وهذا تأويل حسن في المعنى، ويعترضه أن فيه الفصل بين الظرف وما يعمل فيه بهذه الجملة الكثيرة الألفاظ". قلت: وهو ممنوع أيضا من جهة أخرى أخص من هذه، وذلك أن "ما": إما شرطية كما هو رأي ابن عطية: وإما موصولة، فعلى الأول يؤدي إلى الفصل بين فعل الشرط ومعموله بجملة الجزاء ومتعلقاتها، وعلى الثاني يؤدي إلى الفصل بين فعل الصلة ومعموله بخبر "أن". الفراء،
قوله: يوم التقى الجمعان فيه وجهان: أحدهما: أنه بدل من الظرف قبله. والثاني: أنه منصوب بالفرقان لأنه مصدر فكأنه قيل: يوم فرق فيه في [ ص: 609 ] يوم التقى الجمعان أي: الفرق في يوم التقاء الجمعين. وقرأ "عبدنا" بضمتين وهو جمع عبد، وهذا كما قرئ وعبد الطاغوت والمراد بالعبد في هذه القراءة هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من المؤمنين. زيد بن علي