قوله: "أن تسألوا" ناصب ومنصوب في محل نصب مفعولا به بقوله "تريدون"، أي: أتريدون سؤال رسولكم.
قوله: "كما سئل" متعلق بتسألوا، والكاف في محل نصب، وفيها التقديران المشهوران: فتقدير سيبويه أنها حال من ضمير المصدر المحذوف [ ص: 65 ] أي: أن تسألوه أي: السؤال حال كونه مشبها بسؤال قوم موسى له، وتقدير غيره - وهم جمهور النحويين - أنه نعت لمصدر محذوف، أي: إن تسألوا رسولكم سؤالا مشبها كذا. و "ما" مصدرية، أي: كسؤال موسى، وأجاز الحوفي كونها بمعنى الذي فلا بد من تقدير عائد، أي كالسؤال الذي سئله موسى. و "موسى" مفعول لم يسم فاعله، حذف الفاعل للعلم به، أي كما سأل قوم موسى.
والمشهور: "سئل" بضم السين وكسر الهمزة، وقرأ الحسن: "سيل" بكسر السين وياء بعدها، من: سال يسال نحو خفت أخاف، وهل هذه الألف في "سال" أصلها الهمز أولا؟ تقدم خلاف في ذلك وسيأتي تحقيقه في "سأل"، وقرئ بتسهيل الهمزة بين بين.
و "من قبل" متعلق بسئل، و "قبل" مبنية على الضم لأن المضاف إليه معرفة أي: من قبل سؤالكم. وهذا توكيد، وإلا فمعلوم أن سؤال موسى كان متقدما على سؤالهم.
قوله: "بالإيمان" فيه وجهان، أحدهما: أنها باء العوضية، وقد تقدم تحقيق ذلك. والثاني: أنها للسببية، قال أبو البقاء: "يجوز أن يكون مفعولا بيتبدل، وتكون الباء للسبب كقولك: اشتريت الثوب بدرهم" وفي مثاله هذا نظر.
"فقد ضل سواء السبيل" قرئ بإدغام الدال في الضاد وإظهارها، و "سواء" [ ص: 66 ] قال أبو البقاء: "سواء السبيل ظرف بمعنى وسط السبيل وأعدله" وهذا صحيح فإن "سواء" جاء بمعنى "وسط"، قال تعالى: "في سواء الجحيم" ،وقال عيسى بن عمر: "ما زلت أكتب حتى انقطع سوائي" وقال حسان
674 - يا ويح أصحاب النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد
ومن مجيئه بمعنى العدل قول زهير:
 675 - أرونا خطة لا عيب فيها     يسوي بيننا فيها السواء 
والسبيل يذكر ويؤنث: "قل هذه سبيلي". والجملة من قوله: "فقد ضل" في محل جزم لأنها جزاء الشرط، والفاء واجبة هنا لعدم صلاحيته شرطا.
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					