والجمهور على فتح ميم " مغارات " وقرأ مغارات بالضم وهو من أغار وأغار يكون لازما ، تقول عبد الرحمن بن عوف العرب : أغار بمعنى غار ، أي : دخل ، ويكون متعديا تقول : أغرت زيدا ، أي : أدخلته في الغار ، فعلى هذا يكون من أغار المتعدي ، والمفعول محذوف ، أي : أماكن يغيرون فيها أنفسهم ، أي : يغيبونها .
والمدخل : مفتعل من الدخول وهو بناء مبالغة في هذا المعنى ، والأصل [ ص: 69 ] مدتخل فأدغمت الدال في تاء الافتعال كادان من الدين . وقرأ قتادة وعيسى بن عمر مدخلا بتشديد الدال والخاء معا . وتوجيهها أن الأصل : متدخلا من تدخل بالتضعيف ، فلما أدغمت التاء في الدال صار اللفظ مدخلا نحو مدين من تدين . وقرأ والأعمش أيضا الحسن ومسلمة بن محارب وابن أبي إسحاق وابن محيصن في رواية " مدخلا " بفتح الميم وسكون الدال وفتح الخاء خفيفة من دخل . وقرأ وابن كثير في رواية محبوب كذلك إلا أنه ضم الميم جعله من أدخل . الحسن
وهذا من أبرع العلم : ذكر أولا الأمر الأعم وهو الملجأ من أي نوع كان ، ثم ذكر الغيران التي يختفى فيها في أعلى الأماكن وفي الجبال ، ثم الأماكن التي يختفى فيها في الأماكن السافلة وهي السروب وهي التي عبر عنها بالمدخل .
وقال : " يصح أن تكون المغارات من قولهم : حبل مغار ، أي : محكم الفتل ، ثم يستعار ذلك في الأمر المحكم المبرم فيجيء التأويل على هذا : لو يجدون نصرة أو أمورا مسددة مرتبطة تعصمهم منكم . وجعل المدخل أيضا قوما يدخلون في جملتهم . الزجاج
وقرأ مندخلا بالنون بعد الميم من اندخل قال : أبي
[ ص: 70 ]
2501 - ... ... ... ... ولا يدي في حميت السمن تندخل
وأنكر هذه القراءة عنه ، وقال : " إنما هي بالتاء " . قلت: وهو معذور لأن انفعل قاصر لا يتعدى فكيف بني منه اسم مفعول ؟ أبو حاتموقرأ الأشهب العقيلي : " لوالوا " ، أي : بايعوا وأسرعوا ، وكذلك رواها ابن أبي عبيدة بن معاوية بن نوفل عن أبيه عن جده- وكانت له صحبة- من الموالاة . وهذا مما جاء فيه فعل وفاعل بمعنى نحو : ضعفته وضاعفته . قال سعيد بن مسلم أظنها " لوألوا " بهمزة مفتوحة بعد الواو من وأل ، أي : التجأ ، وهذه القراءة نقلها وفسرها بما تقدم من الالتجاء : الزمخشري
والجموح : النفور بإسراع ومنه فرس جموح إذا لم يرده لجام قال :
2502 - جموحا مروحا وإحضارها كمعمعة السعف الموقد
2503 - إذا جمحت نساؤكم إليه أشظ كأنه مسد مغار
وقال آخر :
2504 - وقد جمحت جماحا في دمائهم حتى رأيت ذوي أحسابهم جهزوا
2505 - إما تريني اليوم أم حمز قاربت بين عنقي وجمزي
وهذا أصله في اللغة .
وقوله : إليه ، عاد الضمير إلى الملجأ أو على المدخل ؛ لأن العطف بـ " أو " ، ويجوز أن يعود على " المغارات " لتأويلها بمذكر .
قوله : من يلمزك قرأ العامة " يلمزك " بكسر الميم من لمزه يلمزه ، أي : عابه ، وأصله الإشارة بالعين ونحوها . قال : " أصله الدفع ، لمزته : دفعته " ، وقال الأزهري : " هو الغمز في الوجه ومنه همزة لمزة ، أي : كثير هذين الفعلين . الليث
وقرأ يعقوب عن وحماد بن سلمة ابن كثير والحسن ورويت عن وأبو رجاء- بضمها وهما لغتان في المضارع . وقرأ أبي عمرو- يلمزك من ألمز رباعيا . وروى الأعمش : " يلامزك " على المفاعلة من واحد كسافر وعاقب . حماد بن سلمة
وقد تقدم الكلام على " إذا " الفجائية مرارا والعامل فيها : قال : " يسخطون " لأنه قال : إنها ظرف مكان ، وفيه نظر تقدم في نظيره . أبو البقاء