قوله : ببدنك فيه وجهان ، أحدهما : أنها باء المصاحبة بمعنى مصاحبا لبدنك وهي الدرع ، وفي التفسير : لم يصدقوا بغرقه ، وكانت له درع تعرف [ ص: 265 ] فألقي بنجوة من الأرض وعليه درعه ليعرفوه ، والعرب تطلق البدن على الدرع ، قال عمرو بن معديكرب :
2628 - أعاذل شكتي بدني وسيفي وكل مقلص سلس القياد
وقال آخر : 2629 - ترى الأبدان فيها مسبغات على الأبطال واليلب الحصينا
والثاني : أن تكون سببية على سبيل المجاز ؛ لأن بدنه سبب في تنجيته ، وذلك على قراءة ابن مسعود وابن السميفع " بندائك " من النداء وهو الدعاء أي : بما نادى به في قومه من كفرانه في قوله ونادى فرعون في قومه فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري .
وقرأ " ننجيك " مخففا من أنجاه . وقرأ يعقوب أبو حنيفة " بأبدانك " جمعا : إما على إرادة الأدراع لأنه كان يلبس كثيرا منها خوفا على نفسه ، أو جعل [ ص: 266 ] كل جزء من بدنه بدنا كقوله : " شابت مفارقه " قال :
2630 - ... ... ... ... شاب المفارق واكتسين قتيرا
وقرأ ابن مسعود وابن السميفع ويزيد البربري " ننحيك " بالحاء المهملة من التنحية أي : نلقيك بناحية فيما يلي البحر ، وفي التفسير : أنه رماه إلى ساحل البحر كالثور . وهل ننجيك من النجاة بمعنى نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر وهو تهكم بهم ، أو من ألقاه على نجوة أي : ربوة مرتفعة ، أو من النجاة وهو الترك أو من النجاء وهو العلامة ، وكل هذه معان لائقة بالقصة . والظاهر أن قوله : " فاليوم ننجيك " خبر محض . وزعم بعضهم أنه على نية همزة الاستفهام وفيه بعد لحذفها من غير دليل ، ولأن التعليل بقوله " لتكون " لا يناسب الاستفهام .
و " لتكون " متعلق بـ " ننجيك " و " آية " أي : علامة ، و " لمن خلفك " في محل نصب على الحال من " آية " لأنه في الأصل صفة لها .