[ ص: 292 ] و " ما يحبسه " استفهام ، فـ " ما " مبتدأ ، و " يحبسه " خبره ، وفاعل الفعل ضمير اسم الاستفهام ، والمنصوب يعود على العذاب ، والمعنى : أي شيء من الأشياء يحبس العذاب ؟ .
قوله : يوم يأتيهم منصوب بـ " مصروفا " الذي هو خبر " ليس " ، وقد استدل به جمهور البصريين على جواز تقديم خبر " ليس عليها ، ووجه ذلك أن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل ، و " يوم " منصوب بـ مصروفا " وقد تقدم على " ليس " فليجز تقديم الخبر بطريق الأولى ؛ لأنه إذا تقدم الفرع فأولى أن يتقدم الأصل . وقد رد بعضهم هذا الدليل بشيئين ، أحدهما : أن الظرف يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره . والثاني : أن هذه القاعدة منخرمة ، إذ لنا مواضع يتقدم فيها المعمول ولا يتقدم فيها العامل ، وأورد من ذلك نحو قوله تعالى : فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر فاليتيم منصوب بـ " تقهر " ، و " السائل " منصوب بـ " تنهر " وقد تقدما على " لا " الناهية ، ولا يتقدم العامل - وهو المجزوم - على " لا " ، وللبحث في هذه المسألة موضع هو أليق به . قال الشيخ : " وقد تتبعت جملة من دواوين العرب فلم أظفر بتقديم خبر " ليس " عليها ولا بمعموله إلا ما دل عليه ظاهر هذه الآية وقول الشاعر :
2637 - فيأبى فما يزداد إلا لجاجة وكنت أبيا في الخفا لست أقدم
واسم " ليس " ضمير عائد على " العذاب " ، وكذلك فاعل " يأتيهم " ، والتقدير : ألا ليس العذاب مصروفا عنهم يوم يأتيهم العذاب . وحكى [ ص: 293 ] عن بعضهم أن العامل في أبو البقاء " يوم يأتيهم " محذوف ، تقديره : أي : لا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم ، ودل على هذا المحذوف سياق الكلام .