الثالث : - كالذي قبله - إلا أن " أن " وما بعدها في محل نصب أو جر بعد حذف الجار ، إذ التقدير : لا محالة في أنهم في الآخرة ، أي : في خسرانهم . الرابع : أن " لا " نافية لكلام متقدم تكلم به الكفرة ، فرد الله عليهم ذلك بقوله : " لا " ، كما ترد " لا " هذه قبل القسم في قوله : " لا أقسم " ، وقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون وقد تقدم تحقيقه ، ثم أتى بعدها بجملة فعلية وهي " جرم أن لهم كذا " . وجرم فعل ماض معناه كسب ، وفاعله مستتر يعود على فعلهم المدلول عليه بسياق الكلام ، و " أن " وما في حيزها في [ ص: 304 ] موضع المفعول به لأن " جرم " يتعدى إذ هو بمعنى كسب . قال الشاعر :
2646 - نصبنا رأسه في جذع نخل بما جرمت يداه وما اعتدينا
أي : بما كسبت ، وقد تقدم تحقيق ذلك في المائدة . وجريمة القوم كاسبهم ، قال : 2647 - جريمة ناهض في رأس نيق ترى لعظام ما جمعت صليبا
الوجه الخامس : أن معناها لا صد ولا منع ، وتكون " جرم " بمعنى القطع ، تقول : جرمت ، أي : قطعت ، فيكون " جرم " اسم " لا " مبني معها على الفتح كما تقدم ، وخبرها " أن " وما في حيزها ، أو على حذف حرف الجر ، أي : لا منع من خسرانهم ، فيعود فيه الخلاف المشهور .
وفي هذه اللفظة لغات : يقال لا جرم بكسر الجيم ، ولا جرم بضمها ، ولا جر بحذف الميم ، ولا ذا جرم ، ولا إن ذا جرم ، ولا ذو جرم ، ولا عن ذا جرم ، ولا أن جرم ، ولا عن جرم ، ولا ذا جر والله لا أفعل ذلك .
[ ص: 305 ] وعن : " لا جرم أن لهم النار " على وزن لا كرم ، يعني بضم الراء ، ولا جر ، قال : " حذفوه لكثرة الاستعمال كما قالوا : " سو ترى " يريدون : سوف . أبي عمرو
وقوله : هم الأخسرون يجوز أن يكون " هم " فصلا وأن يكون توكيدا ، وأن يكون مبتدأ وما بعده خبره ، والجملة خبر " أن " .