قوله : ثم استخرجها في الضمير المنصوب قولان ، أحدهما : أنه عائد على الصواع ، لأن فيه التذكير والتأنيث كما تقدم . وقيل : بل لأنه حمل على معنى السقاية . وقال : " يؤنث الصواع من حيث يسمى " سقاية " ، ويذكر من حيث هو صواع " . قالوا : وكأن أبو عبيد لم يحفظ في الصواع التأنيث . وقال أبا عبيد : " قالوا : رجع بالتأنيث على السقاية " ثم قال : " ولعل الزمخشري يوسف كان يسميه " سقاية " وعبيده " صواعا " فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية ، وفيما يتصل بهم صواع " . قلت : هذا الأخير حسن .
الثاني : أن الضمير عائد على السرقة . وفيه نظر ؛ لأن السرقة لا تستخرج ، إلا بمجاز .
قوله : كذلك كدنا الكلام في الكاف كالكلام فيما قبلها أي : مثل ذلك الكيد العظيم كدنا ليوسف أي : علمناه إياه . وقوله : ما كان ليأخذ تفسير للكيد وبيان له ، وذلك أنه كان في دين ملك مصر أن يغرم السارق مثلي ما أخذ ، لا أنه يلزم ويستعبد .
قوله : إلا أن يشاء الله فيه وجهان أحدهما : أنه استثناء منقطع تقديره : ولكن بمشيئة الله أخذه في دين غير الملك ، وهو دين آل يعقوب : أن الاسترقاق جزاء السارق . الثاني : أنه مفرغ من الأحوال العامة ، والتقدير : ما كان ليأخذه في كل حال إلا في حال التباسه بمشيئة الله أي إذنه في ذلك .
[ ص: 534 ] وكلام محتمل فإنه قال : " والاستثناء حكاية حال ، التقدير : إلا أن يشاء الله ما وقع من هذه الحيلة " . ابن عطية
وتقدم القراءتان في نرفع درجات من نشاء في الأنعام . وقرأ بالياء من تحت في " يرفع " و " يشاء " ، والفاعل الله تعالى : وقرأ يعقوب عيسى البصرة " نرفع " بالنون " درجات " منونة ، " يشاء " بالياء . قال صاحب " اللوامح " : " وهذه قراءة مرغوب عنها تلاوة وجملة ، وإن لم يمكن إنكارها " قلت : وتوجيهها : أنه التفت في قوله " يشاء " من التكلم إلى الغيبة ، والمراد واحد .
قوله : وفوق كل ذي علم عليم قرأ " وفوق كل ذي عالم " وفيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون " عالم " هنا مصدرا ، قالوا : مثل " الباطل " فإنه مصدر فهي كالقراءة المشهورة . الثاني : أن ثم مضافا محذوفا تقديره : وفوق كل ذي مسمى عالم ، كقول عبد الله بن مسعود لبيد :
2812 - إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ... ... ...
أي : مسمى السلام . الثالث : أن " ذو " زائدة ، كقول : [ ص: 535 ] الكميت
2813 - إليكم ذوي آل النبي ... ... ... ...
البيت .