[ ص: 546 ] آ . (85) قوله تعالى : تفتؤا : هذا جواب القسم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85 " تالله " وهو على حذف " لا " ، أي : لا تفتأ ، ويدل على حذفها أنه لو كان مثبتا لاقترن بلام الابتداء ونون التوكيد معا عند البصريين ، أو إحداهما عند الكوفيين وتقول : " والله أحبك " تريد : لا أحبك ، وهو من التورية فإن كثيرا من الناس مبادر ذهنه إلى إثبات المحبة . و
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85 " تفتأ " هنا ناقصة بمعنى لا تزال فترفع الاسم وهو الضمير ، وتنصب الخبر وهو الجملة من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85 " تذكر " ، أي : لا تزال ذاكرا له ، يقال : ما فتئ زيد ذاهبا . قال
أوس بن حجر :
2818 - فما فتئت حتى كأن غبارها سرادق يوم ذي رياح ترفع
وقال أيضا :
2819 - فما فتئت خيل تثوب وتدعي ويلحق منها لاحق وتقطع
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : " لا تفتر " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين " .
وفيها لغتان : فتأ على وزن ضرب ، وأفتأ على وزن أكرم ، وتكون تامة بمعنى سكن وأطفأ كذا قاله
ابن مالك ، وزعم الشيخ أنه تصحيف منه ، وإنما هي هي " فثأ " بالثاء المثلثة . ورسمت هذه اللفظة " تفتؤ " بالواو والقياس " تفتأ " بالألف ، ولذلك يوقف
nindex.php?page=showalam&ids=15760لحمزة بالوجهين اعتبارا بالخط الكريم أو القياس .
[ ص: 547 ] قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85حرضا الحرض : الإشفاء على الموت يقال منه : حرض الرجل يحرض حرضا بفتح الراء ، فهو حرض بكسرها ، فالحرض مصدر ، فيجيء في الآية الأوجه في " رجل عدل " وقد تقدم مرارا ، ويطلق المصدر من هذه المادة على الجثث إطلاقا شائعا ، ولذلك يستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث تقول : هو حرض ، وهما حرض ، وهم حرض ، وهن حرض ، وهي حرض ، ويقال : رجل حرض بضمتين نحو : جنب وشلل ويقال : أحرضه كذا ، أي : أهلكه . قال الشاعر :
2820 - إني امرؤ لج بي حب فأحرضني حتى بليت وحتى شفني السقم
فهو محرض قال :
2821 - أرى المرء كالأذواد يصبح محرضا كإحراض بكر في الديار مريض
وقرأ بعضهم : " حرضا " بكسر الراء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " وجاءت القراءة بهما جميعا " . يعني بفتح الراء وكسرها " وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بضمتين ، وقد تقدم أنه كجنب وشلل ، وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري " وغرب " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : " الحرض : ما لا يعتد به ولا خير فيه ، ولذلك يقال لما أشرف على الهلاك
[ ص: 548 ] حرض ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85حتى تكون حرضا وقد أحرضه كذا ، قال الشاعر : " إني امرؤ لج " البيت . والحرضة : من لا يأكل إلا لحم الميسر لنذالته ، والتحريض : الحث على الشيء بكثرة التزيين وتسهيل الخطب فيه كأنه إزالة الحرض نحو : " قديته " ، أي : أزلت عنه القذى ، وأحرضته : أفسدته نحو : أفذيته ، أي : جعلت فيه القذى " انتهى .
والحرض : الأشنان لإزالته الفساد ، والمحرضة وعاؤه ، وشذوذها كشذوذ منخل ومسعط ومكحلة .
[ ص: 546 ] آ . (85) قَوْلُهُ تَعَالَى : تَفْتَؤُاْ : هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85 " تَاللَّهِ " وَهُوَ عَلَى حَذْفِ " لَا " ، أَيْ : لَا تَفْتَأُ ، وَيَدُلُّ عَلَى حَذْفِهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُثْبَتًا لَاقْتَرَنَ بِلَامِ الِابْتِدَاءِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ مَعًا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ ، أَوْ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَتَقُولُ : " وَاللَّهِ أُحِبُّكَ " تُرِيدُ : لَا أُحِبُّكَ ، وَهُوَ مِنَ التَّوْرِيَةِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ مُبَادِرٌ ذِهْنَهُ إِلَى إِثْبَاتِ الْمَحَبَّةِ . وَ
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85 " تَفْتَأُ " هُنَا نَاقِصَةٌ بِمَعْنَى لَا تَزَالُ فَتَرْفَعُ الِاسْمَ وَهُوَ الضَّمِيرُ ، وَتَنْصِبُ الْخَبَرَ وَهُوَ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85 " تَذْكُرُ " ، أَيْ : لَا تَزَالُ ذَاكِرًا لَهُ ، يُقَالُ : مَا فَتِئَ زَيْدٌ ذَاهِبًا . قَالَ
أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ :
2818 - فَمَا فَتِئَتْ حَتَّى كَأَنَّ غُبَارَهَا سُرَادِقُ يَوْمٍ ذِي رِيَاحٍ تُرَفَّعُ
وَقَالَ أَيْضًا :
2819 - فَمَا فَتِئَتْ خَيْلٌ تَثُوبُ وَتَدَّعِي وَيَلْحَقُ مِنْهَا لَاحِقٌ وَتُقَطَّعُ
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ : " لَا تَفْتُرُ " ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " كَأَنَّهُ جَعَلَ الْفُتُوءَ وَالْفُتُورَ أَخَوَيْنِ " .
وَفِيهَا لُغَتَانِ : فَتَأَ عَلَى وَزْنِ ضَرَبَ ، وَأَفْتَأَ عَلَى وَزْنِ أَكْرَمَ ، وَتَكُونُ تَامَّةً بِمَعْنَى سَكَّنَ وَأَطْفَأَ كَذَا قَالَهُ
ابْنُ مَالِكٍ ، وَزَعَمَ الشَّيْخُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا هِيَ هِيَ " فَثَأَ " بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ . وَرُسِمَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ " تَفْتَؤُ " بِالْوَاوِ وَالْقِيَاسُ " تَفْتَأُ " بِالْأَلِفِ ، وَلِذَلِكَ يُوقَفُ
nindex.php?page=showalam&ids=15760لِحَمْزَةَ بِالْوَجْهَيْنِ اعْتِبَارًا بِالْخَطِّ الْكَرِيمِ أَوِ الْقِيَاسِ .
[ ص: 547 ] قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85حَرَضًا الْحَرَضُ : الْإِشْفَاءُ عَلَى الْمَوْتِ يُقَالُ مِنْهُ : حَرَضَ الرَّجُلُ يَحْرُضُ حَرَضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ ، فَهُوَ حَرِضٌ بِكَسْرِهَا ، فَالْحَرَضُ مَصْدَرٌ ، فَيَجِيءُ فِي الْآيَةِ الْأَوْجُهُ فِي " رَجُلٍ عَدْلٍ " وَقَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا ، وَيُطْلَقُ الْمَصْدَرُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْجُثَثِ إِطْلَاقًا شَائِعًا ، وَلِذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ تَقُولُ : هُوَ حَرَضٌ ، وَهُمَا حَرَضٌ ، وَهُمْ حَرَضٌ ، وَهُنَّ حَرَضٌ ، وَهِيَ حَرَضٌ ، وَيُقَالُ : رَجُلٌ حُرُضٌ بِضَمَّتَيْنِ نَحْوَ : جُنُبٍ وَشُلُلٍ وَيُقَالُ : أَحْرُضُهُ كَذَا ، أَيْ : أُهْلِكُهُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
2820 - إِنِّي امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي حَتَّى بَلِيتُ وَحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ
فَهُوَ مُحْرَضٌ قَالَ :
2821 - أَرَى الْمَرْءَ كَالْأَذْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضًا كَإِحْرَاضِ بِكْرٍ فِي الدِّيَارِ مَرِيضِ
وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ : " حَرِضًا " بِكَسْرِ الرَّاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " وَجَاءَتِ الْقِرَاءَةُ بِهِمَا جَمِيعًا " . يَعْنِي بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا " وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ بِضَمَّتَيْنِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَجُنُبٍ وَشُلُلٍ ، وَزَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ " وَغُرُبٍ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ : " الْحَرَضُ : مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِمَا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ
[ ص: 548 ] حَرِضٌ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا وَقَدْ أَحْرَضَهُ كَذَا ، قَالَ الشَّاعِرُ : " إِنِّي امْرُؤٌ لَجَّ " الْبَيْتَ . وَالْحُرْضَةُ : مَنْ لَا يَأْكُلُ إِلَّا لَحْمَ الْمَيْسِرِ لِنَذَالَتِهِ ، وَالتَّحْرِيضُ : الْحَثُّ عَلَى الشَّيْءِ بِكَثْرَةِ التَّزْيِينِ وَتَسْهِيلِ الْخَطْبِ فِيهِ كَأَنَّهُ إِزَالَةُ الْحَرَضِ نَحْوَ : " قَدَّيْتُهُ " ، أَيْ : أَزَلْتُ عَنْهُ الْقَذَى ، وَأَحْرَضْتُهُ : أَفْسَدْتُهُ نَحْوَ : أَفْذَيْتُهُ ، أَيْ : جَعَلْتَ فِيهِ الْقَذَى " انْتَهَى .
وَالْحُرُضُ : الْأُشْنَانُ لِإِزَالَتِهِ الْفَسَادَ ، وَالْمِحْرَضَةُ وِعَاؤُهُ ، وَشُذُوذُهَا كَشُذُوذِ مُنْخُلٍ وَمُسْعُطٍ وَمُكْحُلَةٍ .