الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

الدر المصون

السمين الحلبي - أحمد بن يوسف بن عبد الدايم الحلبي

صفحة

جزء

آ. (30) قوله تعالى: كذلك أرسلناك : الكاف في محل نصب كنظائرها. قال الزمخشري : "مثل ذلك الإرسال أرسلناك، يعني: أرسلناك إرسالا له شأن". وقيل: الكاف متعلقة بالمعنى الذي في قوله: إن الله يضل من يشاء ويهدي [ ص: 50 ] أي: "كما أنفذ الله هذا كذلك أرسلناك". وقال ابن عطية: "الذي يظهر لي أن المعنى: كما أجرينا العادة بأن الله يضل ويهدي لا الآيات المقترحة، فكذلك أيضا فعلنا في هذه الأمة: أرسلناك إليها بوحي لا بآيات مقترحة".

وقال أبو البقاء: "كذلك" [التقدير:] الأمر كذلك، فجعلها في موضع رفع. وقال الحوفي: "الكاف للتشبيه في موضع نصب، أي: كفعلنا الهداية والإضلال". والإشارة بـ "ذلك" إلى ما وصف به نفسه من أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.

قوله: قد خلت جملة [في محل جر صفة]. و "لتتلو" متعلق بـ "أرسلناك".

قوله: وهم يكفرون يجوز أن تكون هذه الجملة استئنافية وأن تكون حالية، والضمير في "وهم" عائد على "أمة" من حيث المعنى، ولو عاد على لفظها لكان التركيب "وهي تكفر". وقيل: الضمير عائد على "أمة" وعلى "أمم". وقيل: على الذين قالوا: لولا أنزل .

آ. (30) قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ : الْكَافُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ كَنَظَائِرِهَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : "مِثْلُ ذَلِكَ الْإِرْسَالِ أَرْسَلْنَاكَ، يَعْنِي: أَرْسَلْنَاكَ إِرْسَالًا لَهُ شَأْنٌ". وَقِيلَ: الْكَافُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَعْنَى الَّذِي فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي [ ص: 50 ] أَيْ: "كَمَا أَنْفَذَ اللَّهُ هَذَا كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ". وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: "الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمَعْنَى: كَمَا أَجْرَيْنَا الْعَادَةَ بِأَنَّ اللَّهَ يُضِلُّ وَيَهْدِي لَا الْآيَاتُ الْمُقْتَرَحَةُ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَعَلْنَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ: أَرْسَلْنَاكَ إِلَيْهَا بِوَحْيٍ لَا بِآيَاتٍ مُقْتَرَحَةٍ".

وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: "كَذَلِكَ" [التَّقْدِيرُ:] الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَجَعَلَهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. وَقَالَ الْحُوفِيُّ: "الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَيْ: كَفِعْلِنَا الْهِدَايَةَ وَالْإِضْلَالَ". وَالْإِشَارَةُ بِـ "ذَلِكَ" إِلَى مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ.

قَوْلُهُ: قَدْ خَلَتْ جُمْلَةٌ [فِي مَحَلِّ جَرٍّ صِفَةً]. وَ "لِتَتْلُوَ" مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَرْسَلْنَاكَ".

قَوْلُهُ: وَهُمْ يَكْفُرُونَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ حَالِيَّةً، وَالضَّمِيرُ فِي "وَهُمْ" عَائِدٌ عَلَى "أُمَّةٍ" مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَلَوْ عَادَ عَلَى لَفْظِهَا لَكَانَ التَّرْكِيبُ "وَهِيَ تَكْفُرُ". وَقِيلَ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى "أُمَّةٍ" وَعَلَى "أُمَمٌ". وَقِيلَ: عَلَى الَّذِينَ قَالُوا: لَوْلا أُنْزِلَ .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث