قوله: وجعلوا يجوز أن يكون استئنافا وهو الظاهر، جيء به للدلالة على الخبر المحذوف كما تقدم تقريره. وقال : ويجوز أن يقدر ما يقع خبرا للمبتدأ، ويعطف عليه و "جعلوا"، وتمثيله: أفمن هو بهذه الصفة لم يوحدوه، وجعلوا له وهو الله الذي يستحق العبادة وحده شركاء. قال الشيخ: "وفي هذا التوجيه إقامة الظاهر مقام المضمر في قوله: "وجعلوا لله: أي: له"، وفيه حذف الخبر عن المقابل، وأكثر ما جاء هذا الخبر مقابلا. وقيل: الواو للحال والتقدير: أفمن هو قائم على نفس موجود، والحال أنهم جعلوا له شركاء، فأقيم الظاهر - وهو الله - مقام المضمر، تقريرا للإلهية وتصريحا بها. الزمخشري
وقال "ويظهر أن القول مرتبط بقوله: ابن عطية: وجعلوا لله شركاء كأن التقدير: أفمن له القدرة والوحدانية، ويجعل له شريك، أهل أن ينتقم ويعاقب أم لا". وقيل: "وجعلوا" عطف على "استهزئ" بمعنى: ولقد استهزؤوا وجعلوا.
وقال وهو معطوف على "كسبت"، أي: وبجعلهم لله شركاء. أبو البقاء:
[ ص: 57 ] قوله: أم تنبئونه أم هذه منقطعة مقدرة بـ "بل" والهمزة، والاستفهام للتوبيخ: بل أتنبئونه شركاء لا يعلمهم في الأرض، ونحوه: قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ، فجعل الفاعل ضميرا عائدا على الله، والعائد على "ما" محذوف، تقديره: بما لا يعلمه الله، وقد تقدم في تلك الآية أن الفاعل ضمير يعود على "ما" وهو جائز هنا أيضا.
قوله: أم بظاهر الظاهر أنها منقطعة. و "الظاهر" هنا قيل: الباطل. وأنشدوا:
2862 - أعيرتنا ألبانها ولحومها وذلك عار يا بن ريطة ظاهر
أي: باطل، وفسره مجاهد "بكذب" وهو موافق لهذا. وقيل: "أم" متصلة، أي: أتنبئونه بظاهر لا حقيقة له.قوله: وصدوا قرأ الكوفيون "وصدوا" مبنيا للمفعول، وفي (غافر) وصد عن السبيل كذلك. وباقي السبعة مبنيين للفاعل. و "صد" جاء لازما ومتعديا، فقراءة الكوفة من المتعدي فقط، وقراءة الباقين تتحمل أن يكون من المتعدي، ومفعوله محذوف، أي: وصدوا غيرهم أو أنفسهم، وأن يكون من اللازم، أي: أعرضوا وتولوا.
وقرأ "وصدوا" و ابن وثاب وصد عن السبيل بكسر الصاد، وهو [ ص: 58 ] مبني للمفعول، أجراه مجرى قيل وبيع، فهو كقراءة: "ردت إلينا"، [وقوله:]
2863 - وما حل من جهل حبا حلمائنا ... ... ... ...