آ. (21) قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28985_28908nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21تبعا : يجوز أن يكون جمع "تابع" كخادم وخدم وغائب وغيب، ويجوز أن يكون مصدرا نحو: قوم عدل، ففيه ثلاثة التأويلات المشهورة.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من عذاب الله من شيء في "من" أوجه، أحدها: أن:
[ ص: 86 ] "من" الأولى للتبيين، والثانية للتبعيض، تقديره: مغنون عنا بعض الشيء الذي هو عذاب الله، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . قال الشيخ: "هذا يقتضي التقديم في قوله "من شيء" على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من عذاب الله ; لأنه جعل
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من شيء هو المبين بقوله من عذاب، و "من" التبيينية مقدم عليها ما تبينه ولا يتأخر". قلت: كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري صحيح من حيث المعنى، فإن
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من عذاب الله لو تأخر عن "شيء" كان صفة له ومبينا، فلما تقدم انقلب إعرابه من الصفة إلى الحال، وأما معناه وهو البيان فباق لم يتغير.
الثاني: أن تكونا للتبعيض معا بمعنى: هل أنتم مغنون عنا بعض شيء هو بعض عذاب الله؟ أي: بعض بعض عذاب الله، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . قال الشيخ: "وهذا يقتضي أن يكون بدلا، فيكون بدل عام من خاص، وهذا لا يقال; فإن بعضية الشيء مطلقة، فلا يكون لها بعض". قلت: لا نزاع أنه يقال: بعض البعض، وهي عبارة متداولة، وذلك البعض المتبعض هو كل لأبعاضه، بعض لكله، وهذا كالجنس المتوسط هو نوع لما فوقه، جنس لما تحته.
الثالث: أن "من" في
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من شيء مزيدة، و "من" في
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من عذاب فيها وجهان، أحدهما: أن تتعلق بمحذوف لأنها في الأصل صفة لشيء، فلما تقدمت نصبت على الحال. والثاني: أنها تتعلق بنفس "مغنون" على أن يكون "من شيء" واقعا موقع المصدر، أي: غنى. ويوضح هذا ما قاله
[ ص: 87 ] nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء، قال: ومن زائدة، أي: شيئا كائنا من عذاب الله، ويكون محمولا على المعنى تقديره: هل تمنعون عنا شيئا؟ ويجوز أن يكون "شيء" واقعا موقع المصدر، أي: غنى، فيكون
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من عذاب الله متعلقا بـ "مغنون". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي أيضا: و
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من عذاب الله متعلق بـ "مغنون"، و "من" في
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21من شيء لاستغراق الجنس زائدة للتوكيد.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21سواء علينا إلى آخره، فيه قولان، أحدهما: أنه من كلام المستكبرين. والثاني: أنه من كلام المستكبرين والضعفاء معا. وجاءت كل جملة مستقلة من غير عاطف دلالة على أن كلا من المعاني مستقل بنفسه كاف في الإخبار. وقد تقدم الكلام في التسوية والهمزة بعده في أول البقرة.
والجزع: عدم احتمال الشدة. قال
امرؤ القيس: 2876 - جزعت ولم أجزع من البين مجزعا وعزيت قلبا بالكواعب مولعا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: "أصل الجزع: قطع الحبل من نصفه. يقال: جزعته فانجزع، ولتصور الانقطاع فيه قيل: جزع الوادي لمنقطعه، ولانقطاع اللون بتغيره. قيل للخرز المتلون: جزع، واللحم المجزع ما كان ذا لونين، والبسرة المجزعة أن يبلغ الإرطاب نصفها، والجازع خشبة تجعل في وسط البيت تلقى عليها رؤوس الخشب من الجانبين، وكأنه سمي بذلك تصورا لجزعه لما حمل عليه من العبء أو لقطعه وسط البيت"، والجزع أخص من الحزن، فإن الجزع حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده.
[ ص: 88 ] والمحيص: يكون مصدرا ويكون مكانا. ويقال: جاض بالضاد المعجمة وجيضا، بها وبالجيم.
آ. (21) قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28985_28908nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21تَبَعًا : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ "تَابِعٍ" كَخَادِمٍ وَخَدَمٍ وَغَائِبٍ وَغَيَبٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا نَحْوَ: قَوْمٌ عَدْلٌ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ التَّأْوِيلَاتِ الْمَشْهُورَةِ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي "مِنْ" أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: أَنَّ:
[ ص: 86 ] "مِنَ" الْأُولَى لِلتَّبْيِينِ، وَالثَّانِيَةَ لِلتَّبْعِيضِ، تَقْدِيرُهُ: مُغْنُونَ عَنَّا بَعْضَ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ عَذَابُ اللَّهِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . قَالَ الشَّيْخُ: "هَذَا يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ فِي قَوْلِهِ "مِنْ شَيْءٍ" عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ شَيْءٍ هُوَ الْمُبَيَّنَ بِقَوْلِهِ مِنْ عَذَابِ، وَ "مِنْ" التَّبْيِينِيَّةُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا مَا تُبَيِّنُهُ وَلَا يَتَأَخَّرُ". قُلْتُ: كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَإِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ عَذَابِ اللَّهِ لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ "شَيْءٍ" كَانَ صِفَةً لَهُ وَمُبَيِّنًا، فَلَمَّا تَقَدَّمَ انْقَلَبَ إِعْرَابُهُ مِنَ الصِّفَةِ إِلَى الْحَالِ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ وَهُوَ الْبَيَانُ فَبَاقٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَا لِلتَّبْعِيضِ مَعًا بِمَعْنَى: هَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا بَعْضَ شَيْءٍ هُوَ بَعْضُ عَذَابِ اللَّهِ؟ أَيْ: بَعْضَ بَعْضِ عَذَابِ اللَّهِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . قَالَ الشَّيْخُ: "وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ بَدَلًا، فَيَكُونُ بَدَلَ عَامٍّ مِنْ خَاصٍّ، وَهَذَا لَا يُقَالُ; فَإِنَّ بَعْضِيَّةَ الشَّيْءِ مُطْلَقَةٌ، فَلَا يَكُونُ لَهَا بَعْضٌ". قُلْتُ: لَا نِزَاعَ أَنَّهُ يُقَالُ: بَعْضُ الْبَعْضِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ مُتَدَاوَلَةٌ، وَذَلِكَ الْبَعْضُ الْمُتَبَعِّضُ هُوَ كُلٌّ لِأَبْعَاضِهِ، بَعْضٌ لِكُلِّهِ، وَهَذَا كَالْجِنْسِ الْمُتَوَسِّطِ هُوَ نَوْعٌ لِمَا فَوْقَهُ، جِنْسٌ لِمَا تَحْتَهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ "مِنْ" فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ شَيْءٍ مَزِيدَةٌ، وَ "مِنْ" فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ عَذَابِ فِيهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ لِشَيْءٍ، فَلَمَّا تَقَدَّمَتْ نُصِبَتْ عَلَى الْحَالِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ "مُغْنُونَ" عَلَى أَنْ يَكُونَ "مِنْ شَيْءٍ" وَاقِعًا مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ، أَيْ: غِنًى. وَيُوَضِّحُ هَذَا مَا قَالَهُ
[ ص: 87 ] nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ، قَالَ: وَمِنْ زَائِدَةٌ، أَيْ: شَيْئًا كَائِنًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ: هَلْ تَمْنَعُونَ عَنَّا شَيْئًا؟ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "شَيْءٍ" وَاقِعًا مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ، أَيْ: غِنًى، فَيَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مُتَعَلِّقًا بِـ "مُغْنُونَ". وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14183الْحُوفِيُّ أَيْضًا: وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِـ "مُغْنُونَ"، وَ "مِنْ" فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21مِنْ شَيْءٍ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21سَوَاءٌ عَلَيْنَا إِلَى آخِرِهِ، فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُسْتَكْبِرِينَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَالضُّعَفَاءِ مَعًا. وَجَاءَتْ كُلُّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ مِنْ غَيْرِ عَاطِفٍ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَعَانِي مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ كَافٍ فِي الْإِخْبَارِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي التَّسْوِيَةِ وَالْهَمْزَةِ بَعْدَهُ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ.
وَالْجَزَعُ: عَدَمُ احْتِمَالِ الشِّدَّةِ. قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ: 2876 - جَزِعْتُ وَلَمْ أَجْزَعْ مِنَ الْبَيْنِ مَجْزَعًا وَعَزَّيْتُ قَلْبًا بِالْكَوَاعِبِ مُولَعَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ: "أَصْلُ الْجَزَعِ: قَطْعُ الْحَبْلِ مِنْ نِصْفِهِ. يُقَالُ: جَزَعْتُهُ فَانْجَزَعَ، وَلِتَصَوُّرِ الِانْقِطَاعِ فِيهِ قِيلَ: جَزْعُ الْوَادِي لِمُنْقَطَعِهِ، وَلِانْقِطَاعِ اللَّوْنِ بِتَغَيُّرِهِ. قِيلَ لِلْخَرَزِ الْمُتَلَوِّنِ: جَزْعٌ، وَاللَّحْمُ الْمُجَزَّعُ مَا كَانَ ذَا لَوْنَيْنِ، وَالْبُسْرَةُ الْمُجَزَّعَةُ أَنْ يَبْلُغَ الْإِرْطَابُ نِصْفَهَا، وَالْجَازِعُ خَشَبَةٌ تُجْعَلُ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ تُلْقَى عَلَيْهَا رُؤُوسُ الْخَشَبِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَكَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ تَصَوُّرًا لِجَزَعِهِ لِمَا حُمِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِبْءِ أَوْ لِقَطْعِهِ وَسَطَ الْبَيْتِ"، وَالْجَزَعُ أَخَصُّ مِنَ الْحُزْنِ، فَإِنَّ الْجَزَعَ حُزْنٌ يَصْرِفُ الْإِنْسَانَ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ.
[ ص: 88 ] وَالْمَحِيصُ: يَكُونُ مَصْدَرًا وَيَكُونُ مَكَانًا. وَيُقَالُ: جَاضَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَجَيْضًا، بِهَا وَبِالْجِيمِ.