آ. (4) قوله تعالى: إلا ولها كتاب : فيه أوجه، أحدها: وهو الظاهر - أنها واو الحال، ثم لك اعتباران، أحدهما: أن تجعل الحال وحدها الجار، ويرتفع "كتاب" به فاعلا. والثاني: أن تجعل الجار خبرا مقدما، و "كتاب" مبتدأ والجملة حال، وهذه الحال لازمة.
الثاني: أن الواو مزيدة، وأيد هذا قوله بقراءة "إلا لها" بإسقاطها. والزيادة ليست بالسهلة. ابن أبي عبلة
الثالث: أن الواو داخلة على الجملة الواقعة صفة تأكيدا، قال : والجملة واقعة صفة لقرية، والقياس أن لا تتوسط هذه الواو بينهما كما في قوله: الزمخشري وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون وإنما توسطت [ ص: 142 ] لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما تقول: "وجاءني زيد عليه ثوبه"، "وجاءني وعليه ثوبه". وقد تبع في ذلك الزمخشري تعالى: وقد سبق له ذلك أيضا في البقرة عند قوله تعالى: أبو البقاء وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .
قال الشيخ: "ولا نعلم أحدا قاله من النحويين، وفي محفوظي أن ابن جني سبقهما إلى ذلك". ثم قال الشيخ: وهو مبني على جواز أن ما بعد "إلا" يكون صفة، وقد منعوا ذلك. قال "لا يفصل بين الصفة والموصوف بـ "إلا". ثم قال: وأما نحو: "ما جاءني رجل إلا راكب" على تقدير: إلا رجل راكب، وفيه قبح لجعلك الصفة كالاسم". وقال الأخفش: "تقول: ما مررت بأحد إلا قائما، "قائما" حال، ولا تقول: إلا قائم، لأن "إلا" لا تعترض بين الصفة والموصوف". وقال أبو علي: ابن مالك - وقد ذكر ما ذهب إليه في قوله "ما مررت بأحد إلا زيد خير منه": إن الجملة بعد "إلا" صفة لـ "أحد" -: "إنه مذهب لا يعرف لبصري ولا كوفي، فلا يلتفت إليه، وأبطل قوله: إن الواو توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف. الزمخشري
قلت: قول قوي من حيث القياس، فإن الصفة كالحال في المعنى، وإن كان بينهما فرق من بعض الوجوه، فكما أن الواو تدخل على الجملة الواقعة حالا كذلك تدخل عليها واقعة صفة. ويقويه أيضا ما نظره به [ ص: 143 ] من الآية الأخرى في قوله: الزمخشري إلا لها منذرون ويقويه أيضا قراءة المتقدمة. ابن أبي عبلة
وقال منذر بن سعيد: هذه الواو هي التي تعطي أن الحالة التي بعدها في اللفظ هي في الزمن قبل الحالة التي قبل الواو، ومنه قوله تعالى: حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها .