واستضعف الشيخ الأوجه الثلاثة فقال: "لأن الأول يقتضي أنه لا يفتري الكذب إلا من كفر بالله من بعد إيمانه، والوجود يقضي أن المفتري من لا يؤمن، سواء كفر بالله من بعد إيمانه، أم لا، بل الأكثر الثاني وهو المفتري". قال: "وأما الثاني فيؤول المعنى إلى ذلك; إذ التقدير: وأولئك: أي: الذين لا يؤمنون هم من كفر بالله من بعد إيمانه، والذين [ ص: 289 ] لا يؤمنون هم المفترون. وأما الثالث فكذلك; إذ التقدير: إن المشار إليهم هم من كفر بالله من بعد إيمانه، مخبرا عنهم بأنهم الكاذبون".
الوجه الرابع: أن ينتصب على الذم، قاله . الخامس: أن يرتفع على خبر ابتداء مضمر على الذم أيضا. السادس: أن يرتفع على الابتداء، والخبر محذوف، تقديره: فعليهم غضب لدلالة ما بعد "من" الثانية عليه. الزمخشري
السابع: أنها مبتدأ أيضا، وخبرها وخبر "من" الثانية أيضا قوله: فعليهم غضب ، قاله قال: "إذ هو واحد بالمعنى; لأن الإخبار في قوله: ابن عطية، من كفر بالله إنما قصد به الصنف الشارح بالكفر". قال الشيخ: وهذا وإن كان كما ذكر، إلا أنهما جملتان شرطيتان، وقد فصل بينهما بأداة الاستدراك، فلا بد لكل واحدة منهما على انفرادها من جواب لا يشتركان فيه، فتقدير الحذف أجرى على صناعة الإعراب، وقد ضعفوا مذهب في ادعائه أن قوله: الأخفش فسلام لك من أصحاب اليمين ، وقوله فروح وريحان جواب "أما"، و "إن" هذا، وهما أداتا شرط وليت إحداهما الأخرى. [ ص: 290 ] الثامن: أن تكون "من" شرطية وجوابها مقدر تقديره: فعليهم غضب; لدلالة ما بعد "من" الثانية عليه. وقد تقدم أن جعل الجزاء لهما معا، وتقدم الكلام معه فيه. ابن عطية
قوله: إلا من أكره فيه أوجه، أحدها: أنه مستثنى مقدم من قوله: فعليهم غضب من الله ، وهذا يكون فيه منقطعا; لأن المكره لم يشرح بالكفر صدرا. وقال وقيل: ليس بمقدم فهو كقول لبيد: أبو البقاء:
3016 - ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... ... ... ...
فظاهر كلامه يدل على أن بيت لبيد لا تقديم فيه، وليس كذلك فإنه ظاهر في التقديم جدا.الثاني: أنه مستثنى من جواب الشرط، أو من خبر المبتدأ المقدر، تقديره: فعليهم غضب من الله إلا من أكره، ولذلك قدر جزاء الشرط قبل الاستثناء، وهو استثناء متصل; لأن الكفر يكون بالقول من غير اعتقاد كالمكره، وقد يكون -والعياذ بالله- باعتقاد، فاستثنى الصنف الأول. الزمخشري
قوله: وقلبه مطمئن جملة حالية، أي: إلا من أكره في هذه الحالة.
قوله: ولكن من شرح الاستدراك واضح; لأن قوله: إلا من أكره [ ص: 291 ] قد يسبق الوهم إلى الاستثناء مطلقا فاستدرك هذا. وقوله وقلبه مطمئن لا ينفي ذلك الوهم. و "من": إما شرطية أو موصولة، ولكن متى جعلت شرطية فلا بد من إضمار مبتدأ قبلها; لأنه لا يليها الجمل الشرطية، قاله الشيخ ثم قال: "ومثله:
3017 - ... ... ... ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد