[ ص: 503 ] وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم التاء وفتح الياء مبنيا للمفعول. وابن عامر "الجبال" بالرفع لقيامه مقام الفاعل، وحذف الفاعل للعلم به وهو الله، أو من يأمره من الملائكة. وهذه القراءة موافقة لما اتفق عليه في قوله: وسيرت الجبال ، ويؤيدها قراءة هنا عبد الله وسيرت الجبال فعلا ماضيا مبنيا للمفعول.
والباقون "نسير" بنون العظمة، والياء مكسورة من "سير" بالتشديد; "الجبال" بالنصب على المفعول به، وهذه القراءة مناسبة لما بعدها من قوله: وحشرناهم فلم نغادر .
وقرأ كقراءة الحسن ومن ذكر معه إلا أنه بالياء من تحت؛ لأن التأنيث مجازي. وقرأ ابن كثير ابن محيصن، ورواها محبوب عن "تسير" بفتح التاء من فوق ساكن الياء من سارت تسير، و "الجبال" بالرفع على الفاعلية. أبي عمرو:
قوله: وترى الأرض بارزة "بارزة" حال; إذ الرؤية بصرية. وقرأ "وترى الأرض" مبنيا للمفعول، و "الأرض" قائمة مقام الفاعل. عيسى:
قوله: "وحشرناهم" فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه ماض مراد به، المستقبل، أي: ونحشرهم، وكذلك: وعرضوا ، ووضع الكتاب .
[ ص: 504 ] والثاني: أن تكون الواو للحال، والجملة في محل النصب، أي: نفعل التسيير في حال حشرهم ليشاهدوا تلك الأهوال. والثالث: قال : "فإن قلت: لم جيء ب "حشرناهم" ماضيا بعد "نسير" و "ترى"؟ قلت: للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز ليعاينوا تلك الأهوال العظام، كأنه قيل: وحشرناهم قبل ذلك". الزمخشري
قال الشيخ: "والأولى أن تكون الواو للحال" فذكر نحوا مما قدمته.
قوله: "فلم نغادر" عطف على "حشرناهم" فإنه ماض معنى. والمغادرة هنا: بمعنى الغدر وهو الترك، أي: فلم نترك. والمفاعلة هنا ليس فيها مشاركة. وسمي الغدر غدرا لأن به ترك الوفاء. وغدير الماء من ذلك لأن السيل غادره، أي: تركه فلم يجئه أو ترك فيه الماء، ويجمع على "غدر" و "غدران" كرغيف ورغفان، واستغدر الغدير: صار فيه الماء. والغديرة: الشعر الذي ترك حتى طال. والجمع غدائر. قال امرؤ القيس:
3168 - غدائره مستشزرات إلى العلا ... ... ... ...
وقرأ "فلم تغادر" بالتاء من فوق، والفاعل ضمير الأرض، أو الغدرة المفهومة من السياق. وأبان: "يغادر" مبنيا للمفعول، "أحد" بالرفع. [ ص: 505 ] قتادة: "نغدر" بضم النون وسكون العين وكسر الدال من "أغدر" بمعنى غدر. والضحاك: