وقرئ بكسر القاف، وهي لغة نجد يقولون: قرت عينه تقر بفتح [ ص: 590 ] العين في الماضي وكسرها في المضارع، والمشهور أن مكسور العين في الماضي للعين، والمفتوحها في المكان. يقال: قررت بالمكان أقر به، وقد يقال: قررت بالمكان بالكسر. وسيأتي ذلك في قوله تعالى: وقرن في بيوتكن .
وفي وصف العين بذلك تأويلان، أحدهما: أنه مأخوذ من "القر" وهو البرد: وذلك أن العين إذا فرح صاحبها كان دمعها قارا أي باردا، وإذا حزن كان حرا ولذلك قالوا في الدعاء عليه: "أسخن الله عينه"، وفي الدعاء له: "أقر الله عينه". وما أحلى قول أبي تمام:
3230 - فأما عيون العاشقين فأسخنت وأما عيون الشامتين فقرت
والثاني: أنه مأخوذ من الاستقرار، والمعنى: أعطاه الله ما يسكن عينه فلا تطمح إلى غيره.قوله: فإما ترين دخلت "إن" الشرطية على "ما" الزائدة للتوكيد، فأدغمت فيها، وكتبت متصلة. و "ترين" تقدم تصريفه. والعامة على صريح الياء المكسورة وقرأ في رواية: "ترئن" بهمزة مكسورة بدل [ ص: 591 ] الياء، وكذلك روي عنه "لترؤن" بإبدال الواو همزة. قال أبو عمرو : هذا من لغة من يقول: لبأت بالحج وحلأت السويق - يعني بالهمز - وذلك لتآخ بين الهمز وحروف اللين. وتجرأ الزمخشري ابن خالويه على فقال: "هو لحن عند أكثر النحويين". أبي عمرو
وقرأ قارئ المدينة أبو جعفر وشيبة "ترين" بياء ساكنة ونون خفيفة. قال وطلحة: "وهي شاذة". قلت: لأنه كان ينبغي أن يؤثر الجازم، وتحذف نون الرفع. كقول ابن جني: الأفوه:
3231 - إما تري رأسي أزرى به ماس زمان ذي انتكاث مؤوس
3232 - لولا فوارس من نعم وأسرتهم يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
و "من البشر" حال من "أحدا" لأنه لو تأخر لكان وصفا. وقال "أو مفعول"، يعني أنه متعلق بنفس الفعل قبله. أبو البقاء:
قوله: "فقولي" بين هذا الجواب وشرطه جملة محذوفة، تقديره: فإما [ ص: 592 ] ترين من البشر أحدا فسألك الكلام فقولي. وبهذا المقدر نخلص من إشكال: وهو أن قولها: فلن أكلم اليوم إنسيا كلام، فيكون ذلك تناقضا; لأنها قد كلمت إنسيا بهذا الكلام. وجوابه ما تقدم: وقيل: المراد بقوله: "فقولي" إلى آخره، أنه بالإشارة. وليس بشيء. بل المعنى: فلن أكلم اليوم إنسيا بعد هذا الكلام.
وقرأ "صياما" بدل "صوم"، وهما مصدران. زيد بن علي: