قوله: "وهو كره" هذه واو الحال، والجملة بعدها في محل نصب عليها والظاهر أن "هو" عائد على القتال. وقيل: يعود على المصدر المفهوم من كتب، أي: وكتبه وفرضه. وقرأ الجمهور "كره" بضم الكاف، وقرأ بفتحها. فقيل: هما بمعنى واحد، أي: مصدران كالضعف والضعف، قاله السلمي وتبعه الزجاج وقيل: المضموم اسم مفعول والمفتوح المصدر. وقيل: المفتوح بمعنى الإكراه، قاله الزمخشري. في توجيه قراءة الزمخشري إلا أن هذا من باب مجيء المصدر على حذف الزوائد وهو لا ينقاس. وقيل: المفتوح ما أكره عليه المرء، والمضموم ما كرهه هو. السلمي،
فإن كان "الكره" و "الكره" مصدرا فلا بد من تأويل يجوز معه الإخبار به عن "هو"، وذلك التأويل: إما على حذف مضاف، أي: والقتال ذو كره، أو على المبالغة، أو على وقوعه موقع اسم المفعول. وإن قلنا: إن "كرها" [ ص: 387 ] بالضم اسم مفعول فلا يحتاج إلى شيء من ذلك. و "لكم" في محل رفع، لأنه صفة لكره، فيتعلق بمحذوف أي: كره كائن.
قوله: "وعسى أن تكرهوا"" عسى" فعل ماض نقل إلى إنشاء الترجي والإشفاق. وهو يرفع الاسم وينصب الخبر، ولا يكون خبرها إلا فعلا مضارعا مقرونا بـ "أن". وقد يجيء اسما صريحا كقوله:
926 - أكثرت في العذل ملحا دائما لا تكثرن إني عسيت صائما
وقالت الزباء: "عسى الغوير أبؤسا" وقد يتجرد خبرها من "أن" كقوله: 927 - عسى فرج يأتي به الله إنه له كل يوم في خلقته أمر
928 - عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
929 - فأما كيس فنجا ولكن عسى يغتر بي حمق لئيم
قوله: "وهو خير لكم" في هذه الجملة وجهان، أظهرهما: أنها في محل نصب على الحال وإن كانت الحال من النكرة بغير شرط من الشروط المعروفة قليلة. والثاني: أن تكون في محل نصب على أنها صفة لشيئا، وإنما دخلت الواو على الجملة الواقعة لأن صورتها صورة الحال، فكما تدخل الواو عليها حالية تدخل عليها صفة، قاله ومثل ذلك ما أجازه أبو البقاء. في قوله: الزمخشري "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم" [ ص: 389 ] فجعل: "ولها كتاب" صفة لقرية، قال: "وكان القياس ألا تتوسط هذه الواو بينهما كقوله: "وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون" وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، وما يقال في الحال: "جاءني زيد عليه ثوب، وعليه ثوب". وهذا الذي أجازه هنا أبو البقاء هناك هو رأي والزمخشري وسائر النحويين يخالفونه. ابن جني،