آ . (7) قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28974_28908nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7منه آيات : يجوز أن تكون "آيات " رفعا بالابتداء والجار خبره . وفي الجملة على هذا وجهان ، أحدهما : أنها مستأنفة . والثاني : أنها في محل نصب على الحال من "الكتاب " أي : هو الذي أنزل الكتاب في هذه الحال أي : منقسما إلى محكم ومتشابه ، ويجوز أن يكون "منه " هو الحال وحده ، و "آيات " رفع به على الفاعلية .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هن أم الكتاب يجوز أن تكون الجملة صفة للنكرة قبلها ، ويجوز أن تكون مستأنفة ، وأخبر بلفظ الواحد وهو "أم " عن جمع ، وهو "هن " : إما لأن المراد كل واحدة منه أم ، وإما لأن المجموع بمنزلة آية واحدة كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وجعلنا ابن مريم وأمه آية ، وإما لأنه مفرد واقع موقع الجمع كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وعلى سمعهم و :
1163 - كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... ... ... ...
[وقوله ] :
1164 - ... ... ... ... وأما جلدها فصليب
[وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش : "وحد " أم الكتاب "بالحكاية على تقدير الجواب
[ ص: 26 ] كأنه قيل : ما أم الكتاب ؟ " ] فقال : هن أم الكتاب ، كما يقال : من نظير زيد ؟ فيقول قوم : "نحن نظيره " كأنهم حكوا ذلك اللفظ ، وهذا على قولهم : "دعني من تمرتان " أي : "مما يقال له تمرتان " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : "وهذا بعيد من الصواب في الآية ، لأن الإضمار لم يقم عليه دليل ، ولم تدع إليه حاجة " وقيل : لأنه بمعنى أصل الكتاب والأصل يوحد .
قوله : "وأخر " نسق على "آيات " ، و "متشابهات " نعت لأخر ، وفي الحقيقة "أخر " نعت لمحذوف تقديره : وآيات أخر متشابهات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : "فإن قيل : واحدة " متشابهات "متشابهة ، وواحدة " أخر "أخرى ، والواحدة هنا لا يصح أن توصف بهذا الواحد فلا يقال ، أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا ، وليس المعنى على ذلك وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى ، فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع ، ولم يصح وصف مفرده بمفرده ؟ قيل : التشابه لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا ، فإذا اجتمعت الأشياء المشابهة كان كل واحد منها مشابها للآخر ، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف الجمع بالجمع لأن كل واحد منها يشابه باقيها ، فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى ، ونظيره قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=15فوجد فيها رجلين يقتتلان فثنى الضمير وإن كان الواحد لا يقتتل . قلت : يعني أنه ليس من شرط صحة الوصف في التثنية أو الجمع صحة انبساط مفردات الأوصاف على مفردات الموصوفات ، وإن كان الأصل ذلك ، كما أنه لا يشترط في إسناد الفعل إلى المثنى والمجموع صحة إسناده إلى كل واحد على حدته .
وقريب من ذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75حافين من حول العرش قيل : ليس لحافين مفرد
[ ص: 27 ] لأنه لو قيل : "حاف " لم يصح ، إذ لا يتحقق الحفوف في واحد فقط ، وإنما يتحقق بجمع يحيطون بذلك الشيء المحفوف ، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في موضعه .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7زيغ يجوز أن يكون مرفوعا بالفاعلية لأن الجار قبله صلة لموصول ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره الجار قبله .
والزيغ : قيل : الميل ، وقال بعضهم : هو أخص من مطلق الميل ، فإن الزيغ لا يقال إلا لما كان من حق إلى باطل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : "الزيغ : الميل على الاستقامة إلى أحد الجانبين ، وزاغ وزال ومال تتقارب ، لكن " زاغ "لا يقال إلا فيما كان عن حق إلى باطل " انتهى . يقال : زاغ يزيغ زيغا وزيغوغة وزيغانا وزيوغا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : "والعرب تقول في عامة ذوات الياء مما يشبه زغت مثل : سرت وصرت وطرت : سيرورة وصيرورة وطيرورة ، وحدت حيدودة ، وملت ميلولة ، لا أحصي ذلك كثرة ، فأما ذوات الواو مثل : قلت ورضيت فإنهم لم يقولوا ذلك إلا في أربعة ألفاظ : الكينونة والديمومة من دام ، والهيعوعة من الهواع ، والسيدودة من سدت " . ثم ذكر كلاما كثيرا غير متعلق بما نحن فيه ، وقد تقدم الكلام على هذا المصدر ، وما ذكر الناس فيه ، وأنه قد سمع فيه الأصل وهو "كينونة " في قول الشاعر :
1165 - ... ... ... ... حتى يعود البحر كينونه
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ما تشابه مفعول الاتباع ، وهي موصولة أو موصوفة ، ولا تكون مصدرية لعود الضمير من "تشابه " عليها إلا على رأي ضعيف . و "منه " حال من فاعل "تشابه " أي : تشابه حال كونه بعضه .
[ ص: 28 ] قوله : "ابتغاء " منصوب على المفعول له أي : لأجل الابتغاء ، وهو مصدر مضاف لمفعوله . والتأويل : مصدر أول يؤول . وفي اشتقاقه قولان أحدهما : أنه من آل يؤول أولا ومآلا . أي : عاد ورجع ، و "آل الرجل " من هذا عند بعضهم ، لأنهم يرجعون إليه في مهماتهم ، ويقولون : أولت الشيء فآل ، أي : صرفته لوجه لائق به فانصرف ، قال الشاعر :
1166 - أؤول الحكم على وجهه ليس قضائي بالهوى الجائر
وقال بعضهم : أولت الشيء فتأول ، فجعل مطاوعه تفعل ، وعلى الأول مطاوعه فعل ، وأنشد
للأعشى :
1167 - على أنها كانت تأول حبها تأول ربعي السقاب فأصحبا
يعني أن حبها كان صغيرا قليلا فآل إلى العظم ، كما يؤول السقب إلى الكبر . ثم قد يطلق على العاقبة والمرد ، لأن الأمر يصير إليهما .
والثاني : أنه مشتق من : الإيالة وهي السياسة . تقول العرب : "قد إلنا وإيل علينا " أي : سسنا وساسنا غيرنا ، وكأن المؤول للكلام سائسه والقادر عليه وواضعه موضعه ، نقل ذلك عن النضر بن شميل . وفرق الناس بين التأويل والتفسير في الاصطلاح : بأن التفسير مقتصر به على ما لا يعلم إلا بالتوقيف كأسباب النزول ومدلولات الألفاظ ، وليس للرأي فيه مدخل ، والتأويل يجوز لمن حصلت عنده صفات أهل العلم وأدوات يقدر أن يتكلم بها إذا رجع بها إلى أصول وقواعد .
[ ص: 29 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7والراسخون يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأ والوقف على الجلالة المعظمة ، وعلى هذا فالجملة من قوله : "يقولون " خبر المبتدأ . والثاني : أنهم منسوقون على الجلالة المعظمة ، فيكونون داخلين في علم التأويل . وعلى هذا فيجوز في الجملة القولية وجهان ، أحدهما : أنها حال أي : يعلمون تأويله حال كونهم قائلين ذلك ، والثاني : أن تكون خبر مبتدأ مضمر أي : هم يقولون .
والرسوخ : الثبوت والاستقرار ثبوتا متمكنا فهو أخص من مطلق الثبات قال الشاعر :
1168 - لقد رسخت في القلب مني مودة لليلى أبت آياتها أن تغيرا
و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمنا به في محل نصب بالقول ، و "كل " مبتدأ ، أي كله أو كل منه ، والجار بعده خبره ، والجملة نصب بالقول أيضا .
آ . (7) قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28974_28908nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مِنْهُ آيَاتٌ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ "آيَاتٌ " رَفْعًا بِالِابْتِدَاءِ وَالْجَارُّ خَبَرُهُ . وَفِي الْجُمْلَةِ عَلَى هَذَا وَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا مُسْتَأْنَفَةٌ . وَالثَّانِي : أَنَّهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ "الْكِتَابَ " أَيْ : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَيْ : مُنْقَسِمًا إِلَى مُحْكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "مِنْهُ " هُوَ الْحَالُ وَحْدَهُ ، وَ "آيَاتٌ " رُفِعَ بِهِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ قَبْلَهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً ، وَأَخْبَرَ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ وَهُوَ "أُمُّ " عَنْ جَمْعٍ ، وَهُوَ "هُنَّ " : إِمَّا لِأَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ أُمٌّ ، وَإِمَّا لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ بِمَنْزِلَةِ آيَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَ :
1163 - كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا ... ... ... ...
[وَقَوْلُهُ ] :
1164 - ... ... ... ... وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ
[وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13674الْأَخْفَشُ : "وَحَّدَ " أُمُّ الْكِتَابِ "بِالْحِكَايَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْجَوَابِ
[ ص: 26 ] كَأَنَّهُ قِيلَ : مَا أُمُّ الْكِتَابِ ؟ " ] فَقَالَ : هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ، كَمَا يُقَالُ : مَنْ نَظِيرُ زَيْدٍ ؟ فَيَقُولُ قَوْمٌ : "نَحْنُ نَظِيرُهُ " كَأَنَّهُمْ حَكَوْا ذَلِكَ اللَّفْظَ ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ : "دَعْنِي مِنْ تَمْرَتَانِ " أَيْ : "مِمَّا يُقَالُ لَهُ تَمْرَتَانِ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : "وَهَذَا بَعِيدٌ مِنَ الصَّوَابِ فِي الْآيَةِ ، لِأَنَّ الْإِضْمَارَ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ، وَلَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حَاجَةٌ " وَقِيلَ : لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَصْلِ الْكِتَابِ وَالْأَصْلُ يُوَحَّدُ .
قَوْلُهُ : "وَأُخَرُ " نَسَقٌ عَلَى "آيَاتٌ " ، وَ "مُتَشَابِهَاتٌ " نَعْتٌ لِأُخَرُ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ "أُخَرُ " نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : وَآيَاتٌ أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ : "فَإِنْ قِيلَ : وَاحِدَةُ " مُتَشَابِهَاتٌ "مُتَشَابِهَةٌ ، وَوَاحِدَةُ " أُخَرُ "أُخْرَى ، وَالْوَاحِدَةُ هُنَا لَا يَصِحُّ أَنْ تُوصَفَ بِهَذَا الْوَاحِدِ فَلَا يُقَالُ ، أُخْرَى مُتَشَابِهَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَاحِدَةِ يُشْبِهُ بَعْضًا ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ آيَةٍ تُشْبِهُ آيَةً أُخْرَى ، فَكَيْفَ صَحَّ وَصْفُ هَذَا الْجَمْعِ بِهَذَا الْجَمْعِ ، وَلَمْ يَصِحَّ وَصْفُ مُفْرَدِهِ بِمُفْرَدِهِ ؟ قِيلَ : التَّشَابُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْأَشْيَاءُ الْمُشَابِهَةُ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُشَابِهًا لِلْآخَرِ ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ التَّشَابُهُ إِلَّا فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ وَصَفَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُشَابِهُ بَاقِيهَا ، فَأَمَّا الْوَاحِدُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=15فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ فَثَنَّى الضَّمِيرَ وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ لَا يَقْتَتِلُ . قُلْتُ : يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْوَصْفِ فِي التَّثْنِيَةِ أَوِ الْجَمْعِ صِحَّةُ انْبِسَاطِ مُفْرَدَاتِ الْأَوْصَافِ عَلَى مُفْرَدَاتِ الْمَوْصُوفَاتِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ ذَلِكَ ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ صِحَّةُ إِسْنَادِهِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ .
وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ قِيلَ : لَيْسَ لِحَافِّينَ مُفْرَدٌ
[ ص: 27 ] لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ : "حَافٌّ " لَمْ يَصِحَّ ، إِذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْحُفُوفُ فِي وَاحِدٍ فَقَطْ ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِجَمْعٍ يُحِيطُونَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَحْفُوفِ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعِهِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7زَيْغٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِالْفَاعِلِيَّةِ لِأَنَّ الْجَارَّ قَبْلَهُ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ الْجَارُّ قَبْلَهُ .
وَالزَّيْغُ : قِيلَ : الْمَيْلُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْمَيْلِ ، فَإِنَّ الزَّيْغَ لَا يُقَالُ إِلَّا لِمَا كَانَ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ : "الزَّيْغُ : الْمَيْلُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ إِلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ، وَزَاغَ وَزَالَ وَمَالَ تَتَقَارَبُ ، لَكِنْ " زَاغَ "لَا يُقَالُ إِلَّا فِيمَا كَانَ عَنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ " انْتَهَى . يُقَالُ : زَاغَ يَزِيغُ زَيْغًا وَزَيْغُوغَةً وَزَيَغَانًا وَزُيُوغًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ : "وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي عَامَّةِ ذَوَاتِ الْيَاءِ مِمَّا يُشْبِهُ زِغْتُ مِثْلَ : سِرْتُ وَصِرْتُ وَطِرْتُ : سَيْرُورَةً وَصَيْرُورَةً وَطَيْرُورَةً ، وَحِدْتُ حَيْدُودَةً ، وَمِلْتُ مَيْلُولَةً ، لَا أُحْصِي ذَلِكَ كَثْرَةً ، فَأَمَّا ذَوَاتُ الْوَاوِ مِثْلَ : قُلْتُ وَرَضِيتُ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ إِلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَلْفَاظٍ : الْكَيْنُونَةُ وَالدَّيْمُومَةُ مِنْ دَامَ ، وَالْهَيْعُوعَةُ مِنَ الْهُوَاعِ ، وَالسَّيْدُودَةُ مِنْ سُدْتُ " . ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِمَا نَحْنُ فِيهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْمَصْدَرِ ، وَمَا ذَكَرَ النَّاسُ فِيهِ ، وَأَنَّهُ قَدْ سُمِعَ فِيهِ الْأَصْلُ وَهُوَ "كَيْنُونَةٌ " فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
1165 - ... ... ... ... حَتَّى يَعُودَ الْبَحْرُ كَيْنُونَهْ
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مَا تَشَابَهَ مَفْعُولُ الِاتِّبَاعِ ، وَهِيَ مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ ، وَلَا تَكُونُ مَصْدَرِيَّةً لِعَوْدِ الضَّمِيرِ مِنْ "تَشَابَهَ " عَلَيْهَا إِلَّا عَلَى رَأْيٍ ضَعِيفٍ . وَ "مِنْهُ " حَالٌ مِنْ فَاعِلِ "تَشَابَهَ " أَيْ : تَشَابَهَ حَالَ كَوْنِهِ بَعْضَهُ .
[ ص: 28 ] قَوْلُهُ : "ابْتِغَاءَ " مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَيْ : لِأَجْلِ الِابْتِغَاءِ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ . وَالتَّأْوِيلُ : مَصْدَرٌ أَوَّلُ يُؤَوَّلُ . وَفِي اشْتِقَاقِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مِنْ آلَ يَؤُولُ أَوْلًا وَمَآلًا . أَيْ : عَادَ وَرَجَعَ ، وَ "آلَ الرَّجُلُ " مِنْ هَذَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ ، لِأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي مُهِمَّاتِهِمْ ، وَيَقُولُونَ : أَوَّلْتُ الشَّيْءَ فَآلَ ، أَيْ : صَرَفْتُهُ لِوَجْهٍ لَائِقٍ بِهِ فَانْصَرَفَ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
1166 - أُؤَوِّلُ الْحُكْمَ عَلَى وَجْهِهِ لَيْسَ قَضَائِي بِالْهَوَى الْجَائِرِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَوَّلْتُ الشَّيْءَ فَتَأَوَّلَ ، فَجَعَلَ مُطَاوِعَهُ تَفَعَّلَ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مُطَاوِعُهُ فَعَلَ ، وَأَنْشَدَ
لِلْأَعْشَى :
1167 - عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّهَا تَأَوُّلَ رِبْعِيِّ السِّقَابَ فَأَصْحَبَا
يَعْنِي أَنَّ حُبَّهَا كَانَ صَغِيرًا قَلِيلًا فَآلَ إِلَى الْعِظَمِ ، كَمَا يَؤُولُ السَّقْبُ إِلَى الْكِبَرِ . ثُمَّ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْعَاقِبَةِ وَالْمَرَدِّ ، لِأَنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ إِلَيْهِمَا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ : الْإِيَالَةُ وَهِيَ السِّيَاسَةُ . تَقُولُ الْعَرَبُ : "قَدْ إِلْنَا وَإِيلَ عَلَيْنَا " أَيْ : سُسْنَا وَسَاسَنَا غَيْرُنَا ، وَكَأَنَّ الْمُؤَوِّلَ لِلْكَلَامِ سَائِسُهُ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ وَوَاضِعُهُ مَوْضِعَهُ ، نُقِلَ ذَلِكَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمْيَلٍ . وَفَرَّقَ النَّاسُ بَيْنَ التَّأْوِيلِ وَالتَّفْسِيرِ فِي الِاصْطِلَاحِ : بِأَنَّ التَّفْسِيرَ مُقْتَصَرٌ بِهِ عَلَى مَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ كَأَسْبَابِ النُّزُولِ وَمَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ ، وَلَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَدْخَلٌ ، وَالتَّأْوِيلُ يَجُوزُ لِمَنْ حَصَلَتْ عِنْدَهُ صِفَاتُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَدَوَاتٌ يَقْدِرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا إِذَا رَجَعَ بِهَا إِلَى أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ .
[ ص: 29 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَالرَّاسِخُونَ يَجُوزُ فِيهِ وَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَالْوَقْفُ عَلَى الْجَلَالَةِ الْمُعَظَّمَةِ ، وَعَلَى هَذَا فَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ : "يَقُولُونَ " خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُمْ مَنْسُوقُونَ عَلَى الْجَلَالَةِ الْمُعَظَّمَةِ ، فَيَكُونُونَ دَاخِلِينَ فِي عِلْمِ التَّأْوِيلِ . وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ فِي الْجُمْلَةِ الْقَوْلِيَّةِ وَجْهَانِ ، أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا حَالٌ أَيْ : يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ حَالَ كَوْنِهِمْ قَائِلِينَ ذَلِكَ ، وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ أَيْ : هُمْ يَقُولُونَ .
وَالرُّسُوخُ : الثُّبُوتُ وَالِاسْتِقْرَارُ ثُبُوتًا مُتَمَكِّنًا فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الثَّبَاتِ قَالَ الشَّاعِرُ :
1168 - لَقَدْ رَسَخَتْ فِي الْقَلْبِ مِنِّي مَوَدَّةٌ لِلَيْلَى أَبَتْ آيَاتُهَا أَنْ تُغَيَّرَا
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمَنَّا بِهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِالْقَوْلِ ، وَ "كُلٌّ " مُبْتَدَأٌ ، أَيْ كُلُّهُ أَوْ كُلٌّ مِنْهُ ، وَالْجَارُّ بَعْدَهُ خَبَرُهُ ، وَالْجُمْلَةُ نُصِبَ بِالْقَوْلِ أَيْضًا .