[ ص: 70 ] والأسحار جمع "سحر " بفتح العين وسكونها . واختلف أهل اللغة في السحر : أي وقت هو ؟ فقال جماعة منهم : "إنه الوقت قبل طلوع الفجر " ، ومنه "تسحر " أي أكل في ذلك الوقت ، وأسحر إذا سار فيه ، قال الزجاج زهير :
1198 - بكرن بكورا واستحرن بسحرة فهن ووادي الرس كاليد للفم
قال : "السحر : اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار ، وجعل اسما لذلك الوقت ، ويقال : " لقيته بأعلى سحرين " ، والمسحر : الخارج سحرا ، والسحور : اسم للطعام المأكول سحرا ، والتسحر أكله " . والمستحر : الطائر الصياح في السحر ، قال : الراغب
1199 - يعل به برد أنيابها إذا غرد الطائر المستحر
وقال بعضهم : "أسحر الطائر أي : صاح وتحرك في صياحه " وأنشد البيت . وهذا وإن كان مطلقا ، وإنما يريد ما ذكرته بالصياح في السحر ، ويقال : أسحر الرجل : أي دخل في وقت السحر كأظهر أي : دخل في وقت الظهر ، قال :
1200 - وأدلج من طيبة مسرعا فجاء إلينا وقد أسحرا
ومثله : "استحر " أيضا . وقال بعضهم : "السحر من ثلث الليل الأخير [ ص: 71 ] إلى طلوع الفجر " وقال بعضهم أيضا : "السحر عند العرب من آخر الليل ، ثم يستمر حكمه إلى الإسفار ، كله يقال له : سحر " . قيل : وسمي السحر سحرا لخفائه ، ومنه قيل : للسحر : سحر للطفه وخفائه .
والسحر بسكون الحاء منتهى قصبة الرئة ، ومنه قول أم المؤمنين رضي الله عنها : "مات بين سحري ونحري " سمي بذلك لخفائه ، و "سحر " فيه كلام كثير ، بالنسبة إلى الصرف وعدمه ، والتصرف وعدمه ، والإعراب وعدمه ، يأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى عند ذكره إذ هو الأليق به . عائشة
وقوله : والصادقين وما عطف عليه . إن قيل : كيف دخلت الواو على هذه الصفات وكلها لقبيل واحد ؟ ففيه جوابان ، أحدهما أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو ، وإن كان الموصوف بها واحدا ، ودخول الواو في مثل هذا تفخيم ، لأنه يؤذن بأن كل صفة مستقلة بالمدح . والجواب الثاني : أن هذه الصفات متفرقة فيهم ، فبعضهم صابر ، وبعضهم صادق ، فالموصوف بها متعدد ، هذا كلام . أبي البقاء
وقال : "الواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها " . قال الشيخ : "ولا نعلم العطف في الصفة بالواو يدل على الكمال " قلت : قد علمه علماء البيان ، وقد تقدم لك تحقيق هذه المسألة في أوائل سورة البقرة ، وما أنشدته على ذلك من لسان الزمخشري العرب . والباء في "بالأسحار " بمعنى في .