قوله : إلا بحبل هذا الجار في محل نصب على الحال ، وهو استثناء مفرغ من الأحوال العامة . قال : "وهو استثناء من عام أعم الأحوال ، والمعنى : " ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال [ ص: 353 ] اعتصامهم بحبل من الله وحبل من الناس " ، وعلى هذا فهو استثناء متصل وقال الزمخشري الزجاج : " هو استثناء منقطع " . فقدره والفراء : " إلا أن يعتصموا بحبل من الله " ، فحذف ما يتعلق به الجار ، كما قال الفراء حميد بن ثور الهلالي :
1388 - رأتني بحبليها فصدت مخافة وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق
أراد : أقبلت بحبليها ، فحذف الفعل للدلالة عليه . ونظره بقوله تعالى : ابن عطية وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال : " لأن بادي الرأي يعطي أن له أن يقتل خطأ ، وأن الحبل من الله ومن الناس يزيل ضرب الذلة ، وليس الأمر كذلك ، وإنما في الكلام محذوف يدركه فهم السامع الناظر في الأمر ، وتقديره في آيتنا : "فلا نجاة من الموت إلا بحبل " قال الشيخ : "وعلى ما قدره لا يكون استثناء منقطعا لأنه مستثنى من جملة مقدرة وهي قوله : " فلا نجاة من الموت "وهو متصل على هذا التقدير ، فلا يكون استثناء منقطعا من الأول ضرورة أن الاستثناء الواحد لا يكون منقطعا متصلا ، والاستثناء المنقطع كما تقرر في علم النحو على قسمين : منه ما يمكن أن يتسلط عليه العامل ، ومنه ما لا يمكن في ذلك ، ومنه هذه الآية على تقدير الانقطاع ، إذ التقدير : لكن اعتصامهم بحبل من الله وحبل من الناس ينجيهم من القتل والأسر وسبي الذراري واستئصال أموالهم ، ويدل على أنه [ ص: 354 ] منقطع : الإخبار بذلك في قوله تعالى في سورة البقرة : وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله فلم يستثن هناك " . وما بعد هذه الآية قد تقدم إعرابه .