وليس لقائل أن يقول له : أن يجعلها غير مضافة ولا يجعل "رحمة " بدلا [ ص: 462 ] حتى يلزم إعادة حرف الاستفهام بل يجعلها صفة ؛ لأن "ما " الاستفهامية لا توصف ، وكأن من يدعي فيها أنها غير مزيدة يفر من هذه العبارة في كلام الله تعالى ، وإليه ذهب ، كان لا يجوز أن يقال في القرآن : "هذا زائد " أصلا . وهذا فيه نظر ، لأن القائلين بكون هذا زائدا لا يعنون أنه يجوز سقوطه ولا أنه مهمل لا معنى له ، بل يقولون : زائد للتوكيد ، فله أسوة بسائر ألفاظ التوكيد الواقعة في القرآن ، و "ما " كما تزاد بين الباء ومجرورها تزاد أيضا بين "عن " و "من " والكاف ومجرورها كما سيأتي . أبو بكر الزبيدي
وقال : "ويجوز أن ترتفع " رحمة "على أن تجعل " ما "بمعنى الذي ، وتضمر " هو "في الصلة وتحذفها كما قرئ : مكي تماما على الذي أحسن . وقوله : "ويجوز " يعني من حيث الصناعة ، وأما كونها قراءة فلا أحفظها .
والفظاظة : الجفوة في المعاشرة قولا وفعلا . قال :
1483 - أخشى فظاظة عم أو جفاء أخ وكنت أخشى عليها من أذى الكلم
والغـلظ : تكثير الأجزاء ، ثم تجوز به في عدم الشفقة وكثرة القسوة في القلب قال :
[ ص: 463 ]
1484 - يبكى علينا ولا نبكي على أحد لنحن أغلظ أكبادا من الإبل
وقال : الفظ كريه الخلق وذلك مستعار من الفظ وهو ماء الكرش ، وذلك مكروه شربه إلا في ضرورة " ، قال : " الغلظة : ضد الرقة ، ويقال : غلظة وغلظة أي بالكسر والضم "وعن الغلظة تنشأ الفظاظة فلم قدمت ؟ فقيل : قدم ما هو ظاهر للحس على ما هو خاف في القلب ، لأنه كما تقدم أن الفظاظة : الجفوة في العشرة قولا وفعلا ، والغلظ : قساوة القلب ، وهذا أحسن من قول من جعلهما بمعنى ، وجمع بينهما تأكيدا . الراغب
والانفضاض : التفرق في الأجزاء وانتشارها ومنه : " فض ختم الكتاب "ثم استعير عنه " انفضاض الناس "ونحوهم .
وقوله : فاعف عنهم إلى آخره جاء على أحسن النسق ، وذلك أنه أمر أولا بالعفو عنهم فيما يتعلق بخاصة نفسه ، فإذا انتهوا إلى هذا المقام أمر أن يستغفر لهم ما بينهم وبين الله تعالى لتنزاح عنهم التبعتان ، فلما صاروا إلى هذا أمر بأن يشاورهم في الأمر إذا صاروا خالصين من التبعتين مصفين منهما ، والأمر هنا وإن كان عاما فالمراد به الخصوص ، قال : " إذ لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض ، ولذلك قرأ أبو البقاء : "في بعض الأمر " . وهذا تفسير لا تلاوة . ابن عباس
وقوله : فإذا عزمت الجمهور على فتح التاء خطابا له عليه السلام . وقرأ عكرمة وجعفر الصادق بضمها ، على أنها لله تعالى على معنى : فإذا [ ص: 464 ] أرشدتك إليه وجعلتك تقصده ، وجاء قوله : على الله من الالتفات ، إذ لو جاء على نسق هذا الكلام لقيل : فتوكل علي ، وقد نسب العزم إليه تعالى في قول : " ثم عزم الله لي أم سلمة " وذلك على سبيل المجاز .
وقوله : إن الله يحب المتوكلين جار مجرى العلة الباعثة على التوكيل عند الأخذ في كل الأمر .