آ . (162) قوله تعالى : أفمن اتبع رضوان الله : الكلام على مثله قد تقدم من أن الفاء النية بها التقديم على الهمزة ، وأن مذهب تقدير فعل بينهما . قال الشيخ : "وتقديره في مثل هذا التركيب متكلف جدا " . انتهى . والذي يظهر من التقديرات : "أحصل لكم تمييز بين الضال والمهتدي ، فمن اتبع رضوان الله واهتدى ليس كمن باء بسخطه وغل " . لأن الاستفهام هنا للنفي . و "من " هنا موصولة بمعنى الذي في محل رفع بالابتداء ، والجار والمجرور الخبر . قال الزمخشري : "ولا يجوز أن تكون شرطا ، لأن [ ص: 469 ] " كمن "لا يصلح أن يكون جوابا " يعني لأنه كان يجب اقترانه بالفاء ، ولأن المعنى يأباه . أبو البقاء
و "بسخط " يجوز أن يتعلق بنفس الفعل أي : رجع بسخطه ، ويجوز أن يكون حالا فيتعلق بمحذوف أي : رجع مصاحبا لسخطه أو ملتبسا به . و "من الله " صفته . والسخط : الغضب الشديد ، ويقال : "سخط " بفتحتين وهو مصدر قياسي ، ويقال : "سخط " بضم السين وسكون الخاء ، وهو غير مقيس ، ويقال : "هو في سخطة الملك " بالتاء أي : في كراهة منه له .
قوله : ومأواه جهنم في هذه الجملة احتمالان : أن تكون مستأنفة ، أخبر أن من باء بسخطه أوى إلى جهنم . ويفهم منه مقابله وهو : أن من اتبع الرضوان كان مأواه الجنة ، وإنما سكت عن هذا ونص على ذلك ليكون أبلغ في الزجر ، ولا بد من حذف في هذه الجمل تقديره : أفمن اتبع ما يؤول به إلى رضا الله فباء برضاه كمن اتبع ما يؤول به إلى سخطه .
والثاني : أنها داخلة في حيز الموصول ، فتكون معطوفة على "باء بسخط " ، فيكون قد وصل الموصول بجملتين اسمية وفعلية ، وعلى كلا الاحتمالين لا محل لها من الإعراب . والمخصوص بالذم محذوف أي : وبئس المصير جهنم . واشتملت هذه الآيات على الطباق في قوله : "ينصركم ويخذلكم " ، وفي قوله : "رضوان الله وسخطه " ، والتجنيس المماثل في قوله : "يغلل " و "بما غل " .