آ . (176) قوله تعالى : ولا يحزنك الذين : قرأ "يحزنك " بضم حرف المضارعة من "أحزن " رباعيا في سائر القرآن إلا التي [ ص: 495 ] في قوله : نافع لا يحزنهم الفزع الأكبر فإنه كالجماعة . والباقون بفتح الياء من حزنه ثلاثيا ، فقيل : هما من باب ما جاء فيه فعل وأفعل بمعنى ، وقيل : باختلاف معنى ، فحزنه جعل فيه حزنا نحو : دهنه وكحله أي : جعل فيه دهنا وكحلا ، وأحزنته إذا جعلته حزينا ، ومثل حزنه وأحزنه : فتنه وأفتنه ، قال : "وقال بعض الأعراب : أحزنت الرجل وأفتنته أي : جعلته حزينا وفاتنا " . وقيل : حزنته أحدثت له الحزن ، وأحزنته عرضته للحزن ، قاله سيبويه . وقد تقدم في البقرة اشتقاق هذه اللفظة وما قيل فيها . وتقدم أيضا أنه يقال : حزن الرجل بالكسر ، فإذا أرادوا تعديته عدوه بالفتحة فيقولون : "حزنته " . كـ "شترت عينه وشترها الله " . والحق أن حزنه وأحزنه لغتان فاشيتان لثبوتهما متواترتين وإن كان أبو البقاء قال : "إن أحزن لغة قليلة " . أبو البقاء
ومن عجيب ما اتفق أن - رحمه الله - يقرأ هذه المادة من "أحزن " إلا التي في الأنبياء كما تقدم ، وأن شيخه نافعا يقرؤها من "حزنه " ثلاثيا إلا التي في الأنبياء ، وهذا من الجمع بين اللغتين ، والقراءة سنة متبعة . أبا جعفر يزيد بن القعقاع
ويقرأ : "يسارعون " بالفتح والإمالة . وقرأ النحوي : "يسرعون " من أسرع في جميع القرآن . قال : "وقرءاة الجماعة أبلغ ، لأن الذي [ ص: 496 ] يسارع غيره أشد اجتهادا من الذي يسرع وحده . ابن عطية
وقوله : " شيئا "فيه وجهان ، أحدهما : أنه مصدر أي : لا يضرونه شيئا من الضرر . والثاني : أنه منصوب على إسقاط الخافض أي : لن يضروه بشيء ، وهكذا كل موضع أشبهه ففيه الوجهان .